الغرارة البيضاء
لم اكن اعرف ان صديقى تونى مارشاند بالمدينة حتى التقيت به فجأةذات صباح فى شارع بوند 00كان يبدو خاليا من المشغوليات 00ولم يبد اى اعتراض حين دعوته للغداء معى 00وكان تونى مشهورا بنوادره الكثيرة واقاصيصه الممتعه التى اتشوق لها واطرب لسماعها 00ولكنه ظل طوال فترة الاكل صامتا لا يتحدث وعيناه هائمتان فى افق مجهول حتى اخذنى الندم على دعوته 00وبعد الغداء 00جلسنا سويا ندخن 00وقد ران علينا الصمت واثقل على 00قلت محاولا استدراجه للحديث00
-هل قمت برحلتك الى الجبل هذا العام كما كنت تزمع ان تفعل ؟؟
-واجابنى تونى باقتضاب انه عائد لتوه من هذه الرحلة00ثم فجأة تنهد بعمق وكأنما اثار سؤالى شهيته للحديث وقال مترددا 00
اسمع يا صديقى 00اننى اعلم انك مهتم بما وراء الطبيعة00وبكل ما هو خارق للنواميس 00مغاير للمعتاد 00فهل يضيرك ان تسمع ما حدث لى ؟؟00اعلم انك ان تسخر منى 00كما انى اود ان ازيح هذا الكابوس عن ثاقلى 00فهل لك ان تعيرنى اذنا صاغية ؟؟00
جلست منتبها وقد شممت رائحة قصة ممتعة 00
قال صديقى0000تعرف جيدا ان الجبال تسحرنى دائما 00ورغم انى لا اعرف شيئا عن تسلق الصخور وما الى ذلك الا انى احب دائما ان ارتاد المناطق الجبلية واتريض بين المرتفعات الشاهقة 00وامارس رياضتى المفضلة وهى الانزلاق على الجليد 00ومنذ شهرين كنت اقضى اجازتى مع صديق لى وقررنا ان نمارس رياضتنا المفضلة بالانزلاق على الجليد 00واخترنا لذلك جبال كوبلين 00وعند سفح الجبل فى وادى بريتل بصبنا خيمتنا ومن خلفنا بدت قمم جبال كوبلين الشاهقة وهى تحيط بنا كحدوة حصان 00وقضينا اليومين الاولين من اجازتنا نرتاد سويا المنطقة من حولنا دون ان نفكر فى تسلق اى قمة 00ثم قررنا فى اليوم الثالث ان نتسلق قمة جبل "ريدج" ورغم انها اعلى قمة فى سلسلة جبال كوبلين الا انها ايضا اسهلها تسلقا 00لوجود مسالك كثيرة بها 00
المهم 000اعددنا عدتنا 00وتركنا المخيم فى التاسعة صباحا ووجهتنا قمة جبل ريدج وعبرنا المنطقة المعشوبة التى تفصل خيمتنا عن سطح الجبل 00وبدأنا الصعود وسرعان ما اختفت الاعشاب واصبحت الارض صخرية صلبة تحت اقدامنا 00وبعد ساعتين وجدنا نفسنا عند القمة وطالعنا منظر رائع يبهج النفس 00فعند الافق بدا البحر فى زرقته الداكنة واستطعنا ان نتبين جزر كانا وايج 00ومن الجهة الاخرى كانت تبدو تحتنا بحيرة "كورويسك "ومهما حاولت ان اصف لك روعة المنظر فانى لا استطيع 00
وكانت الجبال تنحدر كحائط صخرى صلد لمسافه ثلاثة الاف قدم لتحيط بحيرة كورويسك الدركنة السوداء 00ومن هذا الارتفاع الشاهق كانت البحيرة المغلقة تبدو رهيبة وكان علينا صديقى وانا ان نفترق عند هذا المكان 00فهو قد قرر ان يمضى بقية يومه عند القمة 00اما انا فكنت اريد ان اعود عن طريق البحيرة لاستمتع بمزيد من المناظر الطبيعية الخلابة 00كان طريقى يتجه الى الشمال الشرقى حول البحيرة 00ثم00بعد ميلين منها ينحدر الى اسفل جهة البحر 00ومن هناك 00الى الشاطىء الصخرى ثم الى المخيم حيث تواعدنا على اللقاء مساء00
تأكدت من طريقى جيدا على الخريطة التى احملها معى دائما 00وحملت طعامى فى سلة صغيرة وودعت صديقى ويممت وجهى شطر الشمال 00
00بعد بضعة ساعات 00وصلت الى شاطىء البحيرة 00كانت الساعة قد اشرقت على الثانية ظهرا 00والسكون شامل عميق من حولى 00فجلست الى جزع شجرة اتناول طعامى 00ثم احسست بالتعب فتمددت وسرعان ما غفوت 00
لا ادركى كم من الوقت استغرقته نائما 00الا انى استيقظت فجأة00000مزعورا00000000
تطلعت حولى بقلق ووجدت ان الظلام قد بداينتشر ونظرت فى ساعتى فاذا بها بعد الرابعة والنصف 00واخذت امعن البصر فى مياه البحيرة الداكنة وانا اردد فى ذهنى ما سمعته من اساطير الاشباح التى تسكنها 00ووحش البحيرة الذى يظهر مرة كل شهر 00وحاولت ان اطرد عن ذهنى هذه الافكار الخبيثة ولكن عبثا 00كان الصمت الرهيب والسكون الشامل الذى يحيط بى يثقل على نفسى ويكاد يزهق روحى 00وادرت ظهرى الى البحيرة ونظرت الى الجهة الاخرى 00حتى اطرد عن نفسى هذه الافكار الشريرة 00ثم شرعت فى التوجه الى المخيم وقد خشيت ان اتاخر فى العودة واسبب قلقا لصديقى 00كما كنت اكره ان اضطره الى تجنيد فرقة للبحث عنى اذا ما ساوره القلق بشأنى 00ثم اسرعت الخطى وقد نال منى التعب والارهاق 00
واخيرا بعد جهد شديد وصلت الى اسفل الجبل 00وكان على الان ان اخوض خلال شريط من الارض الموحلة التى تفصل بين البحر وقاعدة الجبل ثم ادور حول قاعدة الجبل حتى اصل الى المخيم 00لم اكد اسير بضع خطوات حتى اطبق على الضباب واصبحت اسير فى ظلام دامس 00كان الضباب واطئا قريبا من الارض00فتوقفت برهة لالتقط انفاسى 00ثم استأنفت السير وانا اتحسس مواقع اقدامى بحذر حتى لا اخوض فى منطقة عميقة من الطين 00حثثت الخطى وانا متجه ببصرى للامام ولا يؤنس وحشتى فى هذاالظلام سوى صدى اقدامى وهى تفرقع فى المياه00ولكن فجأة 00احسست برعشة هائلة 0ووجدت القشعريرة تسرى فى جسدى بشكل رهيب ووجدتنى مدفوعا للنظر خلفى فوقفت برهة فى مكانى ثم التفت الى الوراء 00ولم اشاهد شيئا 00اصغيت سمعى ولكنى لم اسمع شيئا ايضا 00واستأنفت السير ببطء وانا اتلفت خلفى بعد كل خطوة وبعد بضعة خطوات 00خيل الى انى اسمع دبيب خطوات 00واحسست انى متبوع وان هناك من يسير خلفى ويطاردنى 00ووقفت فى مكانى مرة واحدة 00فوقف الصوت 00عدت الى السير فسمعت 00بوضوح الان00صوت اقدام فى الماء الموحل تطاردنى 00اسرعت فى سيرى 00وسمعت صوت الاقدام تسرع خلفى 00اسرعت اكثر واكثر بقجر المستطاع 00واذا بالاصوات تسرع ايضا خلفى 00انتابنى ذعر هائل ثم جريت كالمجنون 00ولكنى انكفأت على وجهى فى الوحل 00وحولت القيام ولكنى اكتشفت ان مفصل قدمى قد التوى 00فالتفت الى الخلف ونظرت يائسا الى مطاردى 00
كان الضباب قد بدأ ينقشع قليلا 00وفى الظلام استطعت ان اتبين شيئا ابيض يتحرك نحوى 00لم اتبينه اولا 00ولكن عندما اقترب تبينته جيدا00
كانت غرارة بيضاء 00اشبه بالجوال الذى يوضع فيه الاسمنت 00غرارة بيضاء متوسطة الحجم 00ترتفع عن الارض بحوالى نصف متر 00وتتجه نحوى مباشرتا 00شل الرعب حركتى 00غرارة بيضاء تسير ؟؟00او على الاصح تكاد تكون طائرة 00تتجه مباشرة نحوى 00وفى تقدمها اسمع بوضوح صوت اقدام 00خفية00وهى تطرطش الماء من حولها000
تحاملت على نفسى 00وقمت لاهثا اجرى بقدر ما استطيع00لم يعد يهمنى ان اصل مبكرا حتى اجنب صديقى القلق 00اصبح همى ان اصل 00وحسب 00
ولكن مفصلى الملتوى لم يترك لى الفرصة للاسراع00واخذت اهث وانا احس بالغرارة البيضاء وهى تقترب منى حثيثا حثيثا حتى كادت تطبق على 00
نظرت امامى 00وكم كانت بهجتى عندما لمحت انوار عن بعد 00لابد انها انوار المخيم 00واعطتنى رؤية الانوار بعض الشجاعة00فأسرعت بقدر ما استطيع 00ثم اخذت اصرخ فزعا00صرخات عالية مدوية 00اطلب النجدة00حتى يسمعنى صديقى او اى شخص اخر 00كنت فى قمة فرحتى برؤية النور 00ونظرت خلفى وفوجئت بالغرارة على بعد بضعة اقدام منى 00وقبل ان انتبه الى ذلك جيدا واخذ حذرى وجدت الغرارة تندفع فجأة بسرعة نحوى حتى اصطدمت بركبتى والقتنى ارضا 00وانكفأت على وجهى فى الطين وانا احس بثقل الغرارة البيضاء فوق جسدى 00حتى وصلت الى رأسى واخذت تضغط عليا فى الوحل لتزهق انفاسى 00000000000000000
توقف مارشاند عن قصته ليلتقط انفاسه 00ونظرت اليه فوجدت حبات العرق على جبينه وقد عاودته الذكرى 00ولم اعلق بشىء 00بل تركت له الفرصة ليستأنف قصته فقال00
عندما افقت وجدتنى راقد فى الخيمة وحولى صديقى وبعض الرجال الذين لا اعرفهم واخبرنى صديقى اننى عندما تأخرت فى العودة جند حملة للبحث عنى 00وان الضوء الذى رأيته كان ضوء المصابيح التى كانوا يحملونها 00كما اخبرنى انهم سمعوا صرختى وعندما وصلوا الى مكانى كنت مفشيا على الارض 00سألتهم هل راوا شخصا او شيئا فى المنطقة 00فتبادلوا النظر فى دهشة واكد الجميع اننى كنت وحيدا تماما وحاولت عبثا ان اشرح لهم ماحدث ولكن احدا لم يصدقنى 00وعزا صديقى قصتى الى اضطراب نفسى
صمت تونى وقال00هل تصدقنى انت؟؟00هل تعتقد حقا اننى تصورت كل هذا 00وان اعصابى خانتنى فتخيلت هذه الغرارة البيضاء التى تطاردنى 00؟؟
لم اجب صديقى لتوى 00ولكنى دعوته الى منزلى 00توجهت مباشرة الى مكتبتى 00واخرجت منها كتاب معين يتناول بعض المشاهد والقصص الفولكلورية والاقاصيص التى جمعها العالم "سير جون فرانسيس كاميل"خلال القرن الماضى00وفتحت صفحة معينة فى الكتاب 00وناولته الى تونى صامتا 00وقرأصديقى0000
الغرارة البيضاء
شبح معروف لسكان منطقة جبال كوبلين00وهو يظهر بشكل غرارة بيضاء ويضرب الاشخاص فى اقدامهم حتى يوقعهم ارضا 00ثم يزحف الى جسدهم حتى يصل الى رؤسهم ويزهق انفاسهم 00
اعاد لى صديقى الكتاب فى دهشة 00
قلت له 00لولا ان سمعك صديقك واصدقاءه واسرع بنجدتك 00لكنت انت نفسك مجرد شبح الان 0
تمت