احبتى فى الله
فترة المراهقة من اخطر مراحل الحياة، لانها تعج بالكثير من المتغيرات النفسية والعقلية والجسمية والعاطفية، وهى تحتاج الى عناية خاصة، وتوجيه خاص، ذلك ان مسيرة حياة المراهق أو المراهقة قد تتحدد خلال هذه المرحلة، فان كانت هذه المرحلة معالجة تربويا بصورة صحيحة، فان أثرها هذا سينعكس على بقية مراحل العمر.المراهق/ المراهقة يشعر فى هذه المرحلة انه قد اصبح انسانا كامل الشخصية، ولم يعد طفلا يقاد كما يحلو لوالديه واسرته، بل يسعى من اجل التحرر من قيود الاسرة، وأعراف المجتمع، ليثبت للجميع انه تجاوز مرحلة الطفولة.
لهذا من المهم جدا ان يعامل المراهق/ المراهقة باحترام من قبل والديه والمحيطين به.
ومن وسائل احترام المراهق/ المراهقة ما يلى:
1- الاحترام مفتاح التفاهم مع المراهق، لان الاحترام يعطيه الثقة بالنفس، والثقة بالنفس تدفعه دائما نحو الافضل، أما التحقير والتوبيخ وفرض الاوامر فهذا يصيبه بالتردد وضعف الشخصية.
2-كل انسان معرض للخطأ، والمراهق لا خبرة له فى الحياة، فاحتمال وقوعه فى الخطأ أكبر، لهذا على الوالدين تقبل فكرة الوقوع فى الخطأ، ويعلما ان الخطأ وسيلة لمعرفة الصواب، فعلى الاب والام معاملة المراهق حين الوقوع فى الخطأ، بضبط النفس واعطاءه فرصة الرجوع والتوبة، وعدم استخدام أسلوب الفضح والتشهير أمام الاخرين، حتى يستعيد المراهق توازنه النفسى.
فالدراسات تشير الى ان الاسوياء كان اباؤهم يتلفتون الى محاسنهم ويمدحونهم على اعمالهم الحسنة أكثر من نقد الاخطاء.
ومن الامور التى تزعج المراهق تذكيره دوما بسلوكه الخاطىء، والتحدث عنه امام الاخرين، بل يجب ان نفرق بين ذاته وأفعاله، اى نفرق بين الابن الحبيب والسلوك الخاطىء.
3-أكثر ما يؤلم المراهق شعوره انه مراقب من قبل والديه، لذا وجب اشعاره بصورة دائمة بالحب والقبول والثقة والدعم، ومنحه قدرا من الاستقلالية، وبناء جسور التواصل معه.
4- اشعاره بالعدل والمساواة مع كل اخوانه واخواته، وعدم تمييز او تفضيل احد على الاخر، وعدم مقارنته بالاخرين، لان المقارنة تولد فى نفسه الاحباط والانهزامية، ولا يقتصر تشجيع الاباء على الممتازين او الموهوبين من الابناء، ولكن تشجيع الضعاف منهم يدفعهم للتقدم، لان الضجر والتهكم عليهم يطفىء همتهم ويشعرهم بخيبة الامل ويزيد من خمولهم.
5-احترام افكار المراهق، والاصغاء اليه باهتمام، واشعاره ان افكاره ذات قيمة، فاحترام مشاعره ورغباته يمنحه الاحساس بأهميته، واحترام المتغيرات التى تحدث فى مظهره او شكله، لان المتغيرات التى تحدث له فى مظهره او صوته، تجعله يفقد احترامه الذاتى، لذا فهو يحتاج لتأكيد احترام الذات لديه، وتعزيز الثقة بالنفس.
6- الثناء على المراهق عند نجاحه فى اى جانب من جوانب الحياة، سواء دراسية او رياضية او فى اى مجال اخر، ولا نجعل ثناءنا فقط على الجانب الدراسى، فربما كان عند المراهق انخفاض فى المستوى الدراسى، وقتها نتذكر مزاياه الاخرى، ونمدحه على ارائه الصائبة، ونتغاضى عن اوجه القصور، ونشجعه اذا اخفق ليبدأ من جديد مرة اخرى.
7- اعطاء المراهق مساحة اكبر من الحرية المنضبطة فى اختيار اصدقائه، والتصرف فى مصروفه، واختيار ملابسه، واحترام ذوقه حتى لو كان ذلك مخالفا لهوانا ان كان هذا الذوق لا يتعارض مع الشرع او ليس شاذا، وتخفيف القيود الاسرية عليه، حتى يشعر بالاستقلال الذاتى.
8- التعامل مع المراهق كصديق بالغ، واستشارته فى الامور التى تخص الاسرة، والتحاور معه، وافساح المجال له فى التعبير عن وجهة نظره واحترامها، والاخذ بها ان كانت لا تسبب ضررا.
9-عدم افشاء اسرار المراهق ولو لاقرب المقربين منه، تحت اى ظرف.
10- تجنب انتقاده فى الموضوعات التى تقبل الرأى والرأى الاخر، طالما رأيه لا يتعارض ولا يصطدم مع الشرع.
11- تقبل واحتواء المراهق فى كل احواله، واظهار التفهم وبخاصة وقت السخط وعدم الاستقرار، و وقت الحزن، والتغافل عن الانفعالات التى تحدث منه، مثل كثرة الصياح وبعض الاعمال العنيفة مثل غلق الباب بعنف، او التلفظ بألفاظ غير مألوفة منه، وتحمله والتسامح معه، والتغاضى عن مشاعر عدم الراحة التى يبديها فى بعض الاحيان، واحترام رغبته فى الجلوس بمفرده احيانا، وعدم مطاردته بالاسئلة.
ومن المهم الا يدخل معه احد الوالدان فى مصادمات، لان الدخول فى حرب مع المراهق ستولد لديه العناد، وستكون نتيجتها مزيد من التباعد والشقاق، بل المطلوب تقديم الدعم النفسى، فالاب السند النفسى لابنه، والام السند النفسى لابنتها، وذلك بالاستماع لمشاكله بانتباه واهتمام، وبالاستجابة المتعاطفة دون اقامة اى حكم على الموقف سواء بالثناء او بالنقد.
فالابن المراهق والابنة المراهقة اذا لم يشعر بالعاطفة والود والحب والتفهم، فقد يبحث عنه فى اى مكان اخر، وهذا ما نخافه ونرفضه. كما يجب اعطاؤه فرصة فى الاحتكاك بمن هم فى مثل عمره حيث ان التقاء الاقران يثرى خبرات المراهقين.
12- عدم وضع تصرفات المراهق تحت المجهر، بل ينبغى التغافل عن الكثير من التصرفات، وعدم التعليق على كل صغيرة وكبيرة من الامور البسيطة التى تحدث كل يوم، وعلى الوالدين الا يتوقعا من المراهق الكمال، ولا يتعقبا أخطاءه ليصوبوها ، ولكن التغافل ثم التغافل.
13-استقبال المراهق بالبشاشة، وتفقد أحواله وسؤاله باهتمام عن جديد أخباره.
14- عدم السخرية من المراهق، او النقد الدائم او توجيه اى كلمة او تعليق يخلق جوا من الكراهية والاحساس بالقهر فى نفسه، فلا يقول الاب لابنه مثلا : انا لا افتخر بانك ابنى، او يطلق عليه ألقابا قبيحة وهو غاضب مثل: انت غبى، او يا كلب، او وصفه بصفات معينة وخاصة فى وجود الاخرين، وتذكر قول الله تعالى: { لا يسخر قوم من قوم } الحجرات:11 ، لان ذكر نقائصه او عيوبه يشعره بالاهانة، واهانة الوالدين للمراهق عميقة الاثر وبعيدة المدى، وقد ينتج عنها متاعب نفسية مدى العمر.
كما يجب التوقف عن النقد الدائم له، لان المراهق يعتبر النقد أذى بالغ لشخصيته، وفى الحقيقة معظم نقد الوالدان لا يكون ضروريا، ولا يتناول اشياء جوهرية، بل هو فى الغالب يكون فى امور من الممكن ان تصوب فى وقت لاحق او بمرور الزمن، مثل نقد أسلوب الكلام او المشى او الاكل.
ومن الخطأ ايضا التوقعات السيئة، كأن يتوقع للمراهق الفشل، او الغباء، او عدم الفلاح، او اى صفة سلبية اخرى، فترديد مثل هذه العبارات ستكون لدى الابن / الابنة صورة ذاتية بهذه الصفات تكبر معه، ونكون بذلك قد ساهمنا فى تكوين شخصية الابن / الابنة بشكل سلبى.
15- احترام خصوصياته، والاستئذان عند استعمال حاجاته، مادامت هذه الخصوصيات لا تشوبها شائبة، مع الاحتفاظ بمبدأ المراقبة غير المباشرة.
16- احترام أصدقاءه، والتودد اليهم بالكلمات الطيبة والهدايا والسؤال عن أحوالهم.
17- مساعدة الوالدين للمراهق على اكتساب الاستقلال، واتخاذ القرار اذا كان مقتنعا بهذا القرار، حتى لو لم يكن الوالدان على اقتناع بهذا القرار.
18- اشعاره انه قد بلغ سنا يعتمد عليه، فيقوم الاب بتكليفه ببعض المهام التى يقوم بها كى يساعده فى بناء شخصيته، واكسابه الخبرات والمواقف البناءة، فهذا يكسبه مهارة وثقة بنفسه، ويتيح له اكتساب مهارة التعامل مع الكبار، كما يعطيه الاب الحق فى التعبير عن رأيه، واخذ رأيه فى بعض القضايا الاسرية.وكذلك تتيح الام لابنتها المراهقة فرصة الاعمال المنزلية، مثل دخول المطبخ والعمل فيه، وطريقة الانفاق وحسن التصرف فى الادخار والانفاق.
وعلى الاب والام الثناء عليهما وتقبل خطأهما بنفس راضية، وتشجيعهما ان احسنا، ونصحهما ان أخطئا، فان حسن التوجيه واللباقة لها تأثير السحر، وبالتالى يتقبل الابن والابنة توجيهات الكبار بنفس راضية، ويشعرا بالاحترام، فتتفجر طاقتهما ومواهبهما الكامنة فيما يخدم الاسرة والمجتمع.
19- تجنب الوعظ المباشر للمراهق، كما كان يفعل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فى التعامل مع الناس، فقد كان يقول اذا بلغه شىء عن أحد: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، ولا يذكر الشخص بعينه حتى لا يجرحه، هذا الاسلوب الراقى يجب ان يتبع من باب أولى مع الابناء المراهقين.
ومن الامور الهامة تجنب مثل هذه العبارات:
" عندما كنت فى مثل سنك كنت أفعل كذا وكذا، او انجح فى المدرسة بتفوق او......."
هذه العبارات تسىء اكثر مما تنفع، لان المقارنة دائما تحمل معنى الدونية، فأنت لست ابنك وابنك ليس انت، فكل منكما شخص مستقل ومختلف تماما عن الاخر.
20- تكوين صداقة مع المراهق، فهذه الصداقة من شأنها انها تجعل المراهق يشكو همومه الى والديه – وهما الاعرف بما يصلحه – بدلا من الالتجاء الى الغرباء، وتخصيص وقت كافى للجلوس معه يوميا حتى يشعر بالدفء العاطفى والتواصل والاهتمام به، ومساعدته فى اختيار الصحبة الصالحة من الاصدقاء كشباب المساجد مثلا، قبل ان يختار هو بنفسه بطانة السوء.
21- الابتعاد عن سوء الظن به، حيث يلاحظ ان المراهق عندما يرى نفسه متهما فى المنزل، فانه سيفقد الثقة بنفسه، ولا يبالى بعد ذلك ان كان ما يفعله حسن أم سىء، فهو متهم على كل حال. لهذا على الوالدين التركيز على ثقتهم والثناء على اى تصرف ممدوح، ومقابلته بالمدح والتشجيع بالفرح والجائزة، ومن المعلوم ان عامل الاجر والثواب من الامور المشجعة حتى للبالغين.