اعتاد خبير ومؤرخ الأطعمة الفرنسي الذي عاش في القرن
الثامن عشر أنتيليمه بريلات سافاران وهو مؤلف أحد أشهر الأبحاث حول
الأطعمة بعنوان ” علم حاسة التذوق ” أن يقول إنه إذا حدث أن تجاوز أحد في
ارتكاب الذنوب أو عمل فوق طاقته أو شعر بانخفاض روحه المعنوية فعليه فقط أن
” يتناول كوبا من الشيكولاته الجيدة المعطرة وسوف تحدث له أشياء رائعة “.
ربما
كان بريلات سافاران يبالغ في قوله غير أنه مما لا شك فيه أن ثمة جاذبية
هائلة للشيكولاتة التي تعد الحلوى المفضلة في العالم، ونحن ندين باكتشاف
الكاكاو لقومية التولتيك التي كانت تعيش في أمريكا الجنوبية قبل الغزو
الأسباني وإلى الأوروبيين الذين استطاعوا تحسينه عن طريق إضافة اللبن
والسكر وبالتالي إنتاج نوع من الحلوى اللذيذة يقول عنها عشاقها أنه تؤدي
إلى إدمانها.
وقالت مونيكا كاتز رئيسة إدارة التغذية بجامعة
فافالورو بالأرجنتين لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه لم يتمكن أحد من
إثبات أن الشيكولاته تؤدي إلى إدمانها ولكنها تتمتع بمكونات عالية التركيز
من عدة مواد ذات تأثير حيوي كما أن لها تأثير منشط، وهي تتمتع بنقطة ذوبان
تقارب حرارة جسم الإنسان إلى حد كبير لدرجة أنها تذوب في الفم مع وجود
ملمس ناعم وفريد من نوعه لها.
وتحتوي الشيكولاته على عدة مواد من
بينها الفينيليثيلامين وهو عقار منشط للذاكرة مماثل للأمفيتامين وهو منبه
عصبي يعرف بشكل شائع بأنه ” عقار الحب ” ( والذي يطلقه المخ بمجرد تبادل
النظرات أو التربيت على الشعر أو ضغط اليدين )، والكافيين وهي مادة منبهة
والثيوبرومين وهي مادة تساعد على الاسترخاء ومدرة للبول وموسعة للشعب
الهوائية، ومادة السيروتونين التي تحسن المزاج والدوبامين التي تولد
الإحساس بالبهجة.
وتوضح كاتز أنه بفضل هذه كل المواد تصبح
الشيكولاته حلوى طبيعية منشطة قوية وتمنح جوائز عديدة لمن يتناولها، وتقول
إننا نتناول الشيكولاته أو الحلوى أساسا لأنها أطعمة تجلب الارتياح وتقلل
الشعور بالضغوط والقلق.
وليس من المدهش إذن أن كثيرا من الناس
يتجهون إلى تناول جرعة صغيرة من السعادة، فيمكن لإصبع صغير من الشيكولاته
يزن عشرين جراما أن يزيل آثار اللحظات الحزينة أو في حالة النساء يمكن أن
يساعد على التخلص من الآثار السلبية لمتاعب الدورة الشهرية.
وحتى
قبل حضارات المايا والأزتك في أمريكا الجنوبية كان أبناء التولتك يستخدمون
الكاكاو لمعالجة الآلام والالتهابات، وبعد ذلك استخدمه أبناء المايا في
الطقوس الدينية والطعام وكانوا يعتبرونه مولدا قويا لطاقة الإنسان.
وتحتوي
الشيكولاته أيضا على الفسفور الذي يساعد على تكوين العظام والماغنسيوم
الذي يقوم بدور في تقوية الجهاز المناعي للجسم والبوتاسيوم الذي يساعد على
الحفاظ على توازن الماء في خلايا الإنسان هذا إذا لم نذكر الحديد
والكالسيوم وفيتامين إي و بي كومبلكس والتانين.
وكأن هذا كله لا يكفي فقد أشار عدد من الدراسات العلمية إلى أنه يمكن أن تكون الشيكولاته حليفا جيدا في التخفيف من ارتفاع ضغط الدم.
وتوضح
كاتز أنه يوجد بالشيكولاته مكونات متعددة تفيد صحة الدورة الدموية مثل
الفلافونويد إلى جانب نوع من الدهون في زبدة الكاكاو يتكون من 33 في المئة
من حمض الأوليك ( وهو الحمض السائد في زيت الزيتون ) وما نسبته 33 في المئة
من حمض الستريك الذي يمكن أن يتحول إلى حمض الأوليك.
وتعد مكونات الفلافونويد هي أكثر المواد المضادة للأكسدة في الكاكاو حيث تشكل نحو عشرة في المئة من الوزن في مسحوق الكاكاو.
ومضادات
الأكسدة تعد مواد كيماوية عضوية ذات فائدة لصحة الإنسان حيث أنها تخفض
مخاطر الإصابة بأمراض الدورة الدموية والسرطان وتسهم بشكل كبير في حماية
خلايا الجسم من الإعطاب الذي تسببه الأكسدة.
وأشارت دراسة أجراها
المجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا بالمكسيك تحت عنوان ” الشيكولاته : طعام
ودواء ” إلى أن الفلافونويد يلعب دورا في حماية الدورة الدموية وهو موجود
في الفاكهة والخضروات والشاي الأخضر والنبيذ وله تأثير على البروتينات
الدهنية منخفضة الكثافة.
وتنقل البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة
الكوليسترول داخل الجسم، وهذا هو السبب في أن وجود مستوى مرتفع من
البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة مرتبط بتصلب الشرايين والنوبات القلبية
والسكتة الدماغية، وتشير الدراسات إلى أن مادة الفلافونويد في الكاكاو تكبح
الأكسدة التي تسببها البروتينات منخفضة الكثافة مما يسبب تأثيرا مفيدا
لصحة الإنسان، كما أن الباحثين اكتشفوا وجود تأثير إيجابي للفلافونويد فيما
يتعلق بزيادة إفراز المواد المضادة لتجلط الدم الأمر الذي يقلل من مخاطر
الأزمات القلبية.
كل هذا قد يسمح لمحب الشيكولاته بأن يمحو بسهولة
الإحساس بالذنب عندما يسرف في النزوات، غير أن هناك بعض النصائح التي قد
تحذر من الإسراف في تناولها.
وتقول كاتز إنه ينبغي تناول الشيكولاته
السوداء المرة الطعم فقط لأن اللبن يقلل من امتصاص الفلافونويد، كما توجد
سعرات حرارية ” وهي الشيء السيء الوحيد ” بالشيكولاتةه بما يعادل 500 سعر
حراري في كل مئة جرام من الشيكولاته.
وبالنسبة للأشخاص الذين يتبعون
حمية غذائية صارمة ولا يستطيعون التخلي عن الشيكولاته يمكنهم بدلا من ذلك
أن يسمحوا لأنفسهم لأن تغطيهم الشيكولاته من قمة رأسهم لأخمص قدمهم، فقد
اتضح أن تأثيرها المبهج ينبعث من رائحتها ومن وضعها على البشرة.
وبدأ خبراء التجميل في استخدام الشيكولاته كنوع من العلاج بسبب تأثيرها المغذي والمنشط للبشرة.
وهي
تعد من لذائذ الأطفال ومفتاح سري للحب يسعد الحواس وعزاء وسط الأحزان،
والحقيقة هي أن الشيكولاته هي ملكة العالم وظلت تتربع على هذا العرش لأكثر
من قرنين من الزمان، ولا يبدو أن هناك وليا للعهد يستطيع أن ينتزع العرش
منها.
اتمني الاستفاده من الموضوع