أجلْ أيها الربعُ الذي خفَّ آهِلهْ |
لَقَدْ أَدرَكَتْ فيكَ النَّوَى ما تُحاوِلُه |
وقَفْتُ وأحشَائي مَنَازلُ للأَسَى |
بهِ،وَهْوَ قَفْرٌ قَدْ تَعَفَّتْ مَنازِلُهْ |
أُسَائلُكُمْ مابَالُهُ حَكَمَ البِلَى |
عليهِ، وإلا فاتركُوني أسائِلُهْ |
لَقَد أحسَنَ الدَّمْعُ المُحَامَاة َ، بَعْدَما |
أَسَاءَ الأسَى إِذْ جَاوَرَ القَلْبَ دَاخِلُهْ |
دعا شوقُهُ يا ناصرَ الشوقِ دعوة ً |
فلَبَّاهُ طَلُّ الدَّمْعِ يجْري ووَابِلُهْ |
بيَوْمٍ تُريكَ المَوْتَ في صُورَة ِ النَّوَى |
أَوَاخِرُهُ منْ حَسْرَة ٍ وأَوائِلُهْ |
وقَفْنَا عَلَى جَمْرِ الوَدَاعِ، عَشِيَّة ً |
ولا قلبَ، إلا وهوَ تغلي مراجلُهْ |
وفي الكلة ِ الصفراءِ جؤذرُ رملة ٍ |
غدا مستقلاً والفراقُ معادلهْ |
تيقنتُ أن البينَ أولُ فاتكٍ |
به مذ رأيتُ الهجرَ، وهوَ يغازلهْ |
يُعَنفُني أنْ ضِقْتُ ذَرْعاً بنَأْيهِ |
ويَجْزَعُ أَن ضاقَتْ عليه خَلاخلُهْ |
أَتَتْكَ أَمِيرَ المؤْمنينَ وقَدْ أتى |
عليها المَلأ دْماثُهُ وجَرَاوِلُهْ |
وصلنَ السرى بالوخْد في كلِّ صحصحٍ |
وبالسُّهُد المَوْصُول والنَّوْمُ خَاذِلُهْ |
رواحِلُنا الليلُ النهارَ رأيْتَها |
بإِرقالها مِنْ كُل وَجْهٍ تُقابِلُهْ |
إلى قطبِ الدُّنيا الذي لو بفضلهِ |
مَدَحْتُ بَني الدُّنيا كَفَتْهُمْ فَضَائِلُهْ |
من البأسُ والمعروفُ والجودُ والتقى |
عيالٌ عليه رزقهنَّ شمائلُهْ |
جلا ظلماتِ الظلمِ عن وجهِ أُمَّة |
أَضَاءَ لَها منْ كَوْكب الْحَقِّ آفِلُهْ |
ولاذَتْ بِحقْويْهِ الخِلافَة ُ والتَقَتْ |
على خدرْها أرمَاحُهُ ومناصلُه |
أتتهُ مغذا قدْ أتاها كأنَّها، |
ولا شكَّ، كانت قبلَ ذاكَ تُراسلُهْ |
بمُعْتَصِمٍ باللَّهِ قَدْ عُصِمَتْ بهِ |
عرى الدين والتفتْ عليها وسائلُهْ |
رعى اللهُ فيهِ للرعية ِ رأفة ً |
تُزَايِلُه الدُّنْيَا ولَيْسَتْ تُزَايِلُهْ |
فأضحوا، وقدْ فاضتْ إليهِ قلوبهمْ |
ورحمتُه فيهمْ تفيضُ ونائلُه |
وقامَ، فقامَ العدلُ في كلِّ بلدة ٍ |
خَطِيباً وأَضْحَى المُلْكُ قَدْ شَقَّ بازِلُهْ |
وجَرَّدَ سَيْفَ الحق حتَّى كأنَّهُ |
من السلِّ مسودٍ غمدُهُ وحمائلُه |
رضينا على رغمِ الليالي بحُكمِهِ |
وهَلْ دَافِعٌ أَمراً وذُو العَرْشِ قائِلُهْ! |
لقدْ حانَ منْ يُهدي سويداءَ قلبهِ |
لحدِّ سنانٍ في يدِ اللهِ عاملُه |
وكَمْ نَاكِثٍ لِلعَهْدِ قَدْ نَكَثَتْ بهِ |
أمانيهِ واستخذى لحقكَ باطلُهْ |
فأمكنْتهُ من رمة ِ العفوِ رأفة ً |
ومَغْفِرة ً إِذْ أَمكنَتْكَ مَقَاتِلُهْ |
وحاط لهُ الإفرارُ بالذنبِ روحَه |
وجُثْمانَه إِذْ لَمْ تَحُطْهُ قَبَائِلُهْ |
إذا مارِقٌ بالغَدْرِ حَاوَلَ غَدْرَة ً |
فذَاكَ حَرِيٌّ أنْ تَئِيمَ حَلائِلُهْ |
فإنْ باشرَ الإصحارَ فالبيضُ والقَنا |
قرَاهُ وأحواضُ المنايا مُناهِلُهْ |
وإِنْ يَبْنِ حِيطَاناً عليْه، فإنّما |
أُولئِكَ عُقَّالاتُهُ لا مَعَاقِلُهْ |
وإلا فأعلمْهُ بأنك ساخِطٌ |
ودَعْهُ فإِنَّ الْخَوْفَ لا شَكَّ قاتِلُهْ |
بيمنِ أبي إسحاقَ طالتْ يدُ العُلى |
وقامَتْ قَناة ُ الدينِ واشتدَّ كاهِلُهْ |
هُوَ اليَمُّ مِنْ أَي النَّواحي أتيتَهُ |
فلُجَّتُه المعروفُ والجُودُ سَاحِلُهْ |
تعوَّدَ بسط الكفِّ حتى لو أنَّه |
ثناها لقبضٍ لمْ تُجبهُ أنامِلُهْ |
ولو لم يكنْ في كفِهِ غيرُ روحِهِ |
لجادَ بها، فليتقِ اللهَ سائلُهْ |
عطاءٌ لو اسطاعَ الذي يستميحُهُ |
لأصبَحَ مِنْ بَيْن الوَرَى وَهْوَ عَاذِلُهْ |
إِذَا آمِلٌ سَاماهُ قَرْطَسَ في المُنَى |
مواهبهُ حتى يؤملَ آمِلُهْ |
لُهى ً تَسْتثيرُ القَلْبَ لَوْلاَ اتّصَالُها |
بحسنِ دفاعِ اللهِ وسوسَ سائلُهْ |
إمامَ الهُدَى وابنَ الهُدَى أَيُّ فَرْحَة ٍ |
تَعجَّلَها فِيكَ القَرِيضُ وقَائِلُهْ! |
رجاؤكَ للباغي الغنى عاجِلُ الغنى |
وأَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ لِقَائِكَ آجِلُهْ |