كيف تتعرف على من حولك من خلال
مظهرهم و طعامهم و بيئتهم و فصائل دمهم .. إذا كنت ترغب فى التعرف على
سلوكيات و طباع من حولك و تحاول توقع تصرفاتهم و فهم شخصياتهم بالطريقة
الصحيحة ، و تهتم بتحليل الشخصيات المختلفة ، و إتقان فن الإستماع للـ
أفكار المخفية فى الكلام و كشف الكذب ، و فى نفس الوقت تطمح إلى معرفة نظرة
الناس لك و أفكارهم عنك ، فما عليك إلا أن تتابع هذه السلسلة التى ستساعدك
فى شحذ ملكة الفراسة لديك ، و أن تصبح على وعى أشمل و أدق بـ متاهة
الرسائل السلوكية و التلميحات التى يصدرها الآخرون حولك ، و خصوصاً تلك
المشفرة بـ سلسلة لا متناهية من الإشارات و الكلمات و الحركات و التصرفات و
أساليب الحياه و التعامل و المظهر الخارجى بكل تجلياته أيضاً ، و قبل
الدخول فى أنواع تحليل الشخصية الإنسانية
لابد أولاً من التعرف على معنى الشخصية .
لقد إختلف علماء النفس كثيراًُ فى تعريف الشخصية ، حتى وصل عدد تعاريف
الشخصية إلى أربعين تعريفاً ، و يحددها بعض الباحثين على أنها مجموعة
الصفات الجسمية و العقلية و الإنفعالية و الإجتماعية التى تظهر فى العلاقات
الإجتماعية لـ فرد بعينه و تميزه عن غيره .
و يرجع إهتمام العلماء و الباحثين بالشخصية الإنسانية إلى الواقع العالمى
المنكوس حيث بات الإنسان يعيش غريباً معزولاً عن أعماق ذاته ، و يحيا
مقهوراً من أجل الوسط المادى الذى يعيش فيه ، و لأن خلاص الإنسانية الأكبر
لا يكون إلا بالنمو الروحى و العقلى للإنسان ، و تحسين ذاته و إدراتها على
نحو أفضل و ليس فى تنمية الموارد المحدودة المهددة بـ الهلاك .
و أكد الخبراء أن تنمية الشخصية لا تحتاج إلى مال أو إمكانات أو فكر معقد ،
و إنما الحاجة تكمن فى الإرادة الصلبة و العزيمة القوية ، و قد علمتنا
تجارب الأمم السابقة أن أفضل طريقة لمواجهة الخارج و ضغوطه الصعبة تكمن فى
تدعيم الداخل و إصلاح الذات و إكتساب عادات جديدة ثم يأتى بعد ذلك النصر و
التمكين ، و هذا ما نستنتجه من الآية الكريمة ( إن الله لا يغير ما بقوم
حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .مبادئ تنمية الشخصية
يتم تنمية الشخصية على الصعيد الفردى ، و تشمل أولاً التمحور حول مبدأ ،
فإذا أراد الإنسان أن يعيش وفق مبادئه ، و أراد إلى جانب ذلك أن يحقق
مصالحه إلى الحد الأقصى فإنه بذلك يحاول الجمع بين نقيضين ، فيضطر فى كثير
من الأحيان إلى التضحية بأحدهما حتى يستقيم له أمر الآخر ، و قد أثبتت
المبادئ عير التاريخ أنها قادرة على الإنتصار تارة تلو الأخرى ، و ان الذى
يخسر مبادئه يخسر ذاته ، و من خسر ذاته لا يصح أن يقال أنه كسب بعد ذلك أى
شئ .
و ثانياً : المحافظة على الصورة الكلية فـ النهج الدينى فى بناء الشخصية
يقوم على أساس الشمول و التكامل فى كل الأبعاد ، و ليس غريباً أن نرى من
ينجذب بشكل عجيب نحو من المحاور و يترك باقيها دون أدنى إهتمام ، و حتى لا
تفقد الصورة الكلية فى الشخصية ينبغى النظر دائماً خارج الذات من أجل
المقارنة مع السياق الإجتماعى العام ، و النظر الدائم فى مدى خدمة بناء
النفس فى تحقيق الأهداف الكلية .
و يرى الدكتور على بادحدح فى كتابه ( الطريق إلى الشخصية المؤثرة ) ضرورة
الإلتزام بـ العهود الصغيرة ، فـ قطرات الماء حين تتراكم تشكل فى النهاية
بحراً ، كما تشكل ذرات الرمل جبلاً ، كذلك الأعمال الطيبة فإنها حين تتراكم
تجعل الإنسان رجلاً عظيماً ، و قد أثبتت التجربة أن أفضل السبل لـ صقل
شخصية المرء هو إلتزامه بـ عادات و سلوكيات محددة صغيرة ، كأن يقطع على
نفسه ان يقرأ فى اليوم جزءاً من القراءن او يمشى نصف ساعة مهما كانت الظروف
و الأجواء بحيث يكون الإلتزام ضمن الطاقة و صارماً فإن ( أحب الأعمال إلى
الله أدومها و إن قل ) .
و من أهم مبادئ تنمية الشخصية عمل ما هو ممكن الآن ، و ذلك بالإفتراض أن
الإنسان لم يصل إلى القاع بعد ، و ان الأسوأ ربما يكون فى الطريق ، و هو ما
جعله ينتهز الفرص و لا ينشغل بالأبواب التى أُغلقت ، و لابد أيضاً من
الإعتقاد أن التحسن قد يطرأ يوماًَ لكن لا ندرى متى سيكون ، و لكن ذلك لا
يعنى الانتظار حتى تتحسن الظروف .
و شدد خبراء النفس على مجموعة من الوصايا الصغرى تحدد طريقة مسارالإنسان فى
حركته اليومية ، و هى بمثابة مبادئ ثابتة ، و تشمل :* السعى لمرضاة الله
دائماً *
* إستحضار النية الصالحة فى عمل مباح *
* عدم المجادلة فى الخصوصيات *
* النجاح فى المنزل أولاً *
* المحافظة على اللياقة البدنية *
* عدم ترك عادة الرياضة مهما كانت الظروف *
* عدم المساومة على الشرف أو الكرامة *
* الاستماع للطرفين قبل إصدار الحكم *
* التعود على إستشارة أهل الخبرة *
* الدفاع عن الأشخاص الغائبين *
* مشاركة الزملاء و تسهيل نجاحهم *
* وضع أهداف مرحلية قصيرة *
* توفير شئ من الدخل المادى للـ طوارئ *
* إخضاع الدوافع للـ مبادئ *
* تطوير المهارات كل عام *
أما تنمية الشخصية على صعيد العلاقات مع الآخرين ، فتتمثل فى تحسين الذات أولاً بتقدير شعور الآخرين و تفهم مطالبهم ،
فـ الأب الذى يريد من أبنه أن يكون باراً مُطالباً بأن يكون أباًعطوفاً
أولاً ، و الجار الذى يريد من جيرانه أن يقدموا له يد العون يجب أن يبذل
لهم يد العون ، و ذلك تحت شعار البداية من عندى ، و بالإشارات غير اللفظية
أى بالتصرف الذى يعبر عن تقديرنا و حبنا للآخرين بشكل غير مباشر يفهمونه ،
مثل عيادة المريض أو تقديم يد العون فى أزمة أو باقة ورد فى مناسبة أو حتى
الصفح عن زلة فهو فى الغالب أشد و أعمق تأثيراً فى النفس البشرية .
و ذكر الدكتور عبد الكريم بكار فى كتابه ( تنمية الشخصية ) أن الإنسان
يحتاج إلى تقصير المسافة بينه و بين الآخرين و تكوين علاقات صداقة تقرب
القلوب إلى بعضها ، فقد اثبتت الدراسات أن الذين يفقدون شخصاً يثقون به و
قريباً منهم لهم اشد عرضة للاكتئاب ، بل و إن بعض صور الإضطراب العقلى تنشأ
من مواجهة الأنسان لـ مشاق و صعوبات كبرى دون من يسانده ، لذلك إن وجد
الإنسان ذلك الأخ الحميم فليحسن معاشرته ، و ليؤد حقوقه ، و ليصفح عن زلاته
، إلى جانب الإعترف و التقدير ، فالإنسان مهما كان عبقرياً و فذاً و
ناجحاً فإنه يظل متلهفاً لمعرفة إنطباع الناس عنه ، و كثيراً ما يؤدى
التشجيع إلى تفجير أفضل ما لدى الأمة من طاقات كامنة و كذلك فعل النبى صلى
الله عليه وسلم ، حيث وصف أصحابه بصفات تميزهم عن غيرهم ، فإكتشاف الميزات
التى يمتلكها الناس بحاجة إلى نوع من الفراسة و الإبداع ، و قبل ذلك
الإهتمام .