لا معنى لفهم القضية دون التحرك بها في كل الأوساط, ونحن كلما نظرنا إلى الظلم الواقع على الفلسطينيين وتجبُّر الصهاينة وسعيهم لتوسيع دوائر نفوذهم, وتقطيع أوصال الأمة, تأكد لنا أنه لا بُدَّ من تحريك القضية الفلسطينية في كل محفل وبكل وسيلة وبأقصى بسرعة, وهذا واجب حتمي على الجميع لحفظ القضية من الموت أو النسيان..
فالوقت ليس في مصلحة القضية؛ ومع مرور الوقت يزداد عدد الشهداء, وتُهْدَم المنازل, وتُجَرَّف الأراضي, ويُشَتَّت الناس, وتزداد المستوطنات, وتُغلق الحدود والمعابر, ويزيد الصلف الصهيوني, وقبل هذا كله يَأْلَفُ الناس ما يحدث, وتتحجَّر القلوب.. وكل هذا يُكَثِّر من أوراق الضغط الصهيوني علينا.
وعلينا القيام ببعض الواجبات الأساسية:
التحرك بالقضية في دائرة الأهل والأسرة :
لكل مِنَّا مجموعة من الدوائر التي يتحرَّك فيها بشكل معتاد دون أي عوائق, ومن أهم هذه الدوائر فاعلية, وأيسرها تأثّرًا دائرة الأسرة (الزوجة والأولاد والأم والأب والإخوة), التي ينبغي علينا تحريكها عن طريق تحديد وقت لمتابعة القضية والنقاش حولها, وتوضيح المفاهيم الخاصة بها, وتوصيتهم بالتحرُّك من أجل القضية, وتحريكها في كل الأوساط المحيطة بهم.
كما يجب تحريك دائرة الأهل والأقارب؛ بالحديث المتواصل معهم عن القضية بمفاهيمها الصحيحة, وحَثِّهم على المشاركة والتفاعل.
التحرك بالقضية في دائرة الأصدقاء والزملاء والجيران :
من الدوائر المهمة التي يمكن تحريكها والتعويل عليها دائرة الجيران؛ وذلك عن طريق التواصل معهم في شتى المناسبات, واغتنام فرص اللقاءات المجمعة للحديث عن القضية وتفعيلها, وحَضِّهِم على تحريك دوائرهم والتواصل معها.
كما يمكن تحريك دائرة زملاء العمل؛ واستثمار أوقات الفراغ البينية, وأوقات الراحة والانتقال في مناقشة القضية والحديث عنها.
ومن الدوائر المهمة أيضًا دائرة الأصدقاء والمعارف, وعلينا التذكير بأننا في هذه الأيام العصيبة مطالبون بترك الحديث عن المباريات والدوري والكأس, والمسلسلات والأفلام, والقيل والقال, وفلان وعلان, ولنتحدَّثْ عن فلسطين.ومن المفيد أيضًا عَمَلُ صالون ثقافيٍّ في البيت ودعوة الأصدقاء إليه, ومناقشة القضية, ويمكن دعوة مُتَحَدِّث يُدرك أبعاد القضية؛ ليُحاوِر الضيوف ويشرح لهم.
توسيع الدوائر التي يجب التحرك فيها :
يمكننا بعد تحريك دوائرنا المعتادة, إشراك دوائر أوسع وأوسع, وهكذا حتى يتحرَّك الجميع ويُشارِك الكلُّ, ويعمَّ الفهم الصحيح, والمشاركة الفعالة, والجهاد بالنفس والمال؛ كي تتحرَّر الأرض وتعود الحقوق, وعلينا توسيع التحرُّك في دوائر الأهل الأصدقاء والمعارف والجيران والزملاء؛ عن طريق توصية الجميع بالتحدُّث مع أهله وأصدقائه ومعارفه وجيرانه, واغتنام فرص التجمع في أية مناسبة للتحرك مع دوائرهم من أجل القضية.
التحرك في الدوائر السطحية :
وهي الدوائر التي تلتقي أو تتعامل معها قَدَرًا ودون ترتيب؛ فعليك أن تتحدَّث عن فلسطين وأنت منتظر في عيادة الطبيب, وأنت راكب في أتوبيس أو ميكروباص أو تاكسي أو قطار, وهكذا.
التحرك في الدوائر الفاعلة في المجتمع :
الدوائر الفاعلة هي التي تستطيع اتخاذ القرار, أو تستطيع تحريك الرأي العام, ويمكننا لتفعيل هؤلاء: إرسال رسائل إلى من نأمل في تحركهم من الوزراء والمسئولين وأعضاء المجالس التشريعية والنيابية, والكتاب والصحفيين؛ تحضُّهم على دعم القضية والتحرك بها على شتى المستويات, أو الكتابة عنها وتفعيلها.
التحرك الذاتي في المجتمع :
ينبع التحرك الذاتي من داخل الإنسان دون توجيه من أحد, ويمكن للجميع التحرك ذاتيًّا إذا اقتنع بالقضية وتحركت نفسه تجاهها, فيمكن للبعض كتابة مقالات أو أبيات شعرية أو قصة قصيرة تُحَرِّكُ القضية, والسعي لنشرها في الصحف والمجلات, ويمكن للبعض الآخر عمل مجلة حائط في المدرسة أو الجامعة, وحثُّ الشباب على الكتابة أو الرسم فيها, ويمكن لمن يستطيع إلقاء كلمة بسيطة سريعة في مسجد, أو فصل, أو مُدَرَّج, لدقائق معدودة, يتحدَّث فيها عن القضية, أو يذكر خبرًا عن عملية استشهادية, أو يدعو لأهل فلسطين, ويمكن لفريق آخر إلقاء خطبة جمعة عن القضية الفلسطينية وتصحيح مفاهيمها -عند الاستطاعة- أو نُصْح الخطيب بالحديث عنها.
التحرك في الدوائر البعيدة :
إرسال رسائل على الإنترنت لكل من تستطيع من الأفراد والهيئات في كل بقاع العالم؛ للمسلمين ولغير المسلمين, لشرح القضية وفضح اليهود, وتكوين رأي عامٍّ عالمي مضادٍّ للإعلام اليهودي.
المشاركة في كل الفعاليات :
ومن الفعاليات المهمة والمؤثرة؛ المسيرات السلمية التي تُعتبر تحريكًا قويًّا للقضية, مع مراعاة ضبطها بالضوابط الشرعية؛ فليس فيها تكسير أو إفساد -حتى للمحلات الأمريكية وغيرها؛ فهي في عهدنا, والمسلمون لا ينقضون العهود- وليس فيها سِبَابٌ؛ فليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحش ولا البذيء([1]). وليس فيها اختلاط مخلٌّ بالآداب الإسلامية, وليس فيها شعارات ضالَّة تؤخِّر القضية بدلاً من تقديمها, كما أن هناك صورًا أخرى كثيرة للفعاليات المؤثرة مثل المؤتمرات والندوات والصالونات الثقافية وغير ذلك من التجمعات,
الترويج للمواد العلمية التي تخدم القضية :
وذلك مثل: توزيع كُتَيِّب عن تصحيح مفاهيم القضية, ووجوب تحريكها في كل مكان, أو توزيع شريط صوتي أو (CD) عن القضية, أو الترويج لبرنامج فضائي يشرح القضية ويفند مزاعم اليهود, ويدعو إلى التحرُّك الفعال من أجل القضية, أو تعريف الناس بموقع إنترنت يتكلم عن القضية.
ابتكار وسائل جديدة لتحريك الناس :
كثير من وسائل تحريك القضية قديمة ومطروقة, ولا بُدَّ من تجديدها وابتكار وسائل جديدة؛ لمواصلة تحريك القضية, ودوام حضورها في الذاكرة بابتكار أعمال فنية, أو ابتكار أعمال إبداعية (شعر أو قصة أو مسرحية..), أو ابتكار ألعاب فيديو ومسابقات لتحريك القضية لدى الأطفال, أو السعي نحو تجديد الأفكار القديمة كالمسابقات الثقافية, والرحلات, والملتقيات.
([1]) فعن عبد الله بن مسعود أنه قال: قال رسول : "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ, وَلا اللَّعَّانِ, وَلا الْفَاحِشِ, وَلا الْبَذِيءِ". رواه الترمذي: كتاب البر والصلة, باب ما جاء في اللعنة (1977), وقال: هذا حديث حسن.
منقول من مقال للدكتور راغب السرجانى