للمعلم بصماته على أبناء مجتمعه, فهو مُرَبٍّ, وراسم للشخصية, ومُعِدٌّ ومُهَيِّئٌ لِلَبِنَاتِ المجتمع, يُعِدُّهَا لتكون صالحة للبناء, لا عِوَجَ فيها ولا انحراف, حتى يصير البناء في نهاية الأمر متينًا صُلْبًا يستعصي على الهدم, وحتى تكون الأمة خير الأمم..
ولا يقتصر دور المعلم على تربية النشء من الناحية العلمية والفكرية فقط, بل يتعدى ذلك إلى كل آفاق الحياة؛ فما يزال المعلم يرسي قواعد الدين والأخلاق, ويؤصِّل الفكر, ويبني الذات, ويعالج ما يعرض من أزمات وعوارض, ويساهم في تذليل المصاعب والتحديات, وبثِّ روح الفداء في نفوس أبنائه وطلابه, والأخذ بأيديهم نحو معالي الأمور, ليُعيدوا مجد أمتهم السليب, وأرضها المحتلة, وينهضوا بها من جديد؛ وعليه فإن هذه هي بعض أدوار المعلمين التي ينبغي لهم القيام بها بخصوص قضية فلسطين:
أولاً: كن قدوة :
يقول الله U: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]؛ فالنبي r هو المعلِّم الأعظم الذي هدى الناس إلى الخير, وهو قدوة وأسوة كل مسلم, وعلى كل معلم أن يكون قدوة في قوله وفعله, فأهل العلم يقولون: "عمل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل"[1]؛ ولكي يكون المعلم قدوة فعليه فعل ما يلي:
- تقوى الله والالتزام بتعاليم الإسلام.
عن أبي ذَرٍّ قال: قال لي رسول الله r: "اتَّقِ اللهِ حَيْثُمَا كُنْتَ, وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا, وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ"[2]. وقال الإمام مالك رحمه الله: "إن هذا العلم هو لحمك ودمك, وعنه تُسأل يوم القيامة, فانظر عمن تأخذه"[3].
- أداء الصلاة على وقتها.
- الالتزام بالمواعيد والوفاء بالعهد.
- حسن السلوك مع الزملاء والطلبة.
- سعة الأفق والثقافة الشاملة.
- حفظ اللسان والتعفف عن كل قبيح.
- حسن المظهر.
- كثرة القراءة والاطلاع.
- إتقان العمل وأداؤه على الوجه الأمثل.
- التعامل مع طلابه كصديق والقرب منهم والوقوف إلى جوارهم في أزماتهم.
ثانيًا: إعداد جيل قادر على تحرير فلسطين :
وعليك أخي المعلم في طريق إعدادك لأبنائك -الذين سيُحرِّرون فلسطين من المحتل الصهيوني- ما يلي:
- اصنع من طلابك جنودًا للإسلام, ولقِّنْهُم معاني الشهادة والتضحية, واغرس فيهم حب الجهاد في سبيل الله من أجل تحرير فلسطين وسائر بلاد العالم الإسلامي.
- استخدم الوسائل التكنولوجية المتاحة كالكمبيوتر والإنترنت في توضيح حقائق القضية الفلسطينية من منظور إسلامي ونشرها بين أبنائك الطلبة.
- توجيه أسئلة في مقدمة كل حصة وفي الاختبارات عن القضية الفلسطينية؛ لحث الطلبة على الاطلاع والتعرُّف على تاريخ فلسطين.
- تكثيف الحديث عن فلسطين وتاريخها وأبطالها ومعاركها في موضوعات التعبير والإنشاء.
- استغلال أي وقت متاح لدى الطلاب وشغله في تعريفهم بقضية فلسطين وقصتها الحقيقية.
ثالثًا: المشاركة في الفعاليات المناصرة لفلسطين :
الطلاب أقوى شريحة في المجتمع تستطيع القيام بفعاليات مؤثرة في قضية فلسطين؛ ولذلك فإن على المعلم فعل ما يلي:
- المشاركة في المسيرات والفعاليات التي تقام لمناصرة القضية الفلسطينية؛ فعندما يجد الطالب أستاذه يشارك في فعالية من الفعاليات المناصرة لفلسطين, لا شَكَّ أنه سيأنس ويطمئن, ويَعْلَم أن فعله هذا فعل محمود, لا خطأ فيه, وسيسأل أستاذه عن سبب مشاركته, وساعتها تتبيَّن له أهداف الفعالية التي شارك فيها, وكيفية النصرة ولو بالكلمة.
- عدم الاكتفاء بالمشاركة, ولكن ينبغي تفعيل المسيرات الطلابية المطالبة بعودة الحق الفلسطيني.
- توضيح أهداف وأثر المسيرات السلمية في خدمة القضية الفلسطينية, والحضُّ على المشاركة فيها.
- الوقوف إلى جوار الطلاب إذا تعرضوا لأزمات مدرسية أو في بيوتهم نتيجة القيام بهذه الفعاليات.
- الحرص على الثناء على الطلاب الفاعلين المشاركين بقوة في هذه الفعاليات.
رابعًا: إعداد أنشطة مدرسية بهدف شرح القضية والتحرك بها من منظور إسلامي :
كلما كان المعلم نشيطًا, مُتَجَدِّدَ الفكر, مُبْدِعًا؛ استطاع أن يُحَرِّكَ القضية وينشرها, ويُسْهِمَ في شرح أبعادها وبيان حقائقها بالمفاهيم الصحيحة, ويوظف طاقة أبنائه الطلاب فيما يخدم قضايا الأمة, ويتيح لهم المشاركة البناءة, ويمكنك أخي المعلم - في هذا الأمر - فعل ما يلي:
- حَثُّ الطلبة على المشاركة في الأنشطة المختلفة مثل مجلات الحائط والمعارض والحفلات المدرسية التي تُقام عن فلسطين.
- إنشاء جائزة ومسابقة طلابية سنوية بالتعاون مع إدارة المدرسة, تتحدَّث عن القضية الفلسطينية, وأبرز شخصياتها, وتاريخها, ومعاركها.
- إعداد كلمات وخطب تشرح الأبعاد الحقيقية للقضية الفلسطينية وإلقائها في المناسبات واللقاءات المدرسية.
- استخدام الإذاعة المدرسية اليومية في توضيح وشرح حقائق القضية الفلسطينية بمفاهيمها الصحيحة.
- تأليف وإعداد اسكتشات وعروض عن أبطال فلسطين, وعرضها على المسرح المدرسي وفي الحفلات المدرسية.
- تبني وطرح فكرة مشروع تسمية بعض الفصول وبعض القاعات الدراسية بأسماء المدن والرموز الفلسطينية.
- إعداد لوحات وملصقات وصور عن فلسطين ومعالمها وقادتها, والمجازر التي ارتكبها الصهاينة ووضعها في الفصول الدراسية, ومداخل المدارس, وحجرات المدرسين.
- تنظيم مسابقة على مستوى المدارس لتقديم أفضل بحث عن التاريخ الحقيقي لفلسطين بعد تنقيحه من الأكاذيب والافتراءات.
- تنظيم مسابقة في الإبداعات الفنية والأدبية يبرز فيها الطلاب مهاراتهم في نصرة قضية فلسطين.
- إطلاق أسماء بعض الرموز الفلسطينية على الفرق الرياضية المدرسية.
خامسًا: تربية النشء على فكر المقاطعة وتدريبهم عليها :
الأطفال قوة شرائية كبرى؛ ولذا فتنمية فكر المقاطعة عندهم قد يكون له أثر إيجابي كبير على مجريات الأحداث في القضية الفلسطينية؛ ولذا كان على المعلم أن يقوم بالأدوار الآتية:
- توضيح مدى أهمية الدور الذي تقوم به المقاطعة الاقتصادية والسياسية للكيان الصهيوني وللدول التي تسانده في نصرة القضية الفلسطينية.
- إزالة اللبس والغموض المثار حول المقاطعة؛ عن طريق شرح أهدافها ووسائلها للطلاب من الناحية الشرعية.
- الحرص على أن يكون المعلم قدوة لتلاميذه في قضية المقاطعة.
- إعداد قائمة بالبضائع الصهيونية والأمريكية وتوزيعها على الطلاب.
- إعداد قوائم بالسلع والمنتجات العربية والإسلامية البديلة للسلع الواردة في قائمة المقاطعة.
- دعم ومكافأة الطلبة التي تلتزم بالمقاطعة.
- توضيح ما فعله ويفعله الصهاينة من مجازر في حق إخواننا الفلسطينيين بالسلاح الأمريكي.
- توضيح مدى احتياج الاقتصاد الأمريكي والغربي الداعم للكيان الصهيوني للأموال العربية والإسلامية؛ وخاصة في ضوء الأزمة المالية العالمية المعاصرة.
- تعريف الطلاب بآخر مستجدَّات الوضع في فلسطين بصورة يومية.
سادسًا: غرس حب البذل لفلسطين في نفوس الطلاب :
على المعلم أن يغرس في نفوس طلابه حب البذل والعطاء في كل جوانب الحياة؛ بذل الوقت, والمال, والجهد.. من أجل قضية الأمة قضية فلسطين؛ ليُشارك كل طالب في استرداد أرض الإسلام, واستعادة المقدسات, وعليك أخي المعلم في ذلك ما يلي:
- اغرس في طلابك حب البذل في سبيل تحرير فلسطين وسائر بلاد العالم الإسلامي التي تعاني من الاحتلال؛ وذلك عن طريق الآيات والأحاديث والمواقف الدالة على أهمية الإنفاق في بناء الأمة وفي سعادة الآخرة.
- إنشاء حصالة في كل فصل دراسي لجمع التبرعات لصالح القضية الفلسطينية.
- تنظيم قوافل مدرسية لجمع التبرعات من الطلبة والمدرسين لصالح فلسطين.
- تنظيم رحلات للتبرع بالدم لصالح ضحايا المجازر الصهيونية في فلسطين.
- تنظيم معارض مدرسية لعرض المنتجات الفلسطينية والتحفيز على شرائها لمساعدة الفلسطينيين.
- كفالة الطلبة الفلسطينيين ودعمهم علميًّا وماديًّا.
سابعًا: رفع الروح المعنوية ومحاربة اليأس في نفوس طلابه :
على المعلمين السعي نحو رفع الروح المعنوية لأبنائهم الطلاب, وبثُّ الأمل في نفوسهم, بشتى الوسائل, فالله U يقول: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139], ومن وسائلهم في ذلك ما يلي:
- بثُّ الأمل في نفوس الطلاب باقتراب ساعة النصر وتحرير الأراضي الفلسطينية من العدو الصهيوني, والاستعانة في ذلك بنصوص القرآن والسنة.
- تعريف الطلاب على أبرز المعارك التي انتصر فيها المسلمون على مرِّ التاريخ الإسلامي.
- إعداد لقاءات ثقافية للطلبة تتناول سيرة أبرز القادة المسلمين؛ مثل: خالد بن الوليد, وقطز, وصلاح الدين الأيوبي, وانتصاراتهم الخالدة.
- رصد النجاحات التي يحققها المسلمون في فلسطين وفي أنحاء العالم المختلفة والحديث عنها بشيء من التفصيل.
ثامنًا: توضيح المفاهيم الصحيحة للقضية في محيط هيئة التدريس :
على المعلم الذي فَهِمَ القضية فهمًا صحيحًا من المنظور الإسلامي أن يتحرك بها بين زملائه, عن طريق:
- الحديث مع الزملاء في حجرة المدرسين, وتصحيح مفاهيمهم حول القضية الفلسطينية, ومحاولة تفعيلهم لأداء واجبهم نحو فلسطين.
- عمل مكتبة مسموعة ومقروءة في حجرة المدرسين؛ تحتوي على كتب وشرائط تشرح القضية الفلسطينية بمنظورها الإسلامي.
- تنظيم عروض مرئية للمدرسين للمجازر والانتهاكات الصهيونية في فلسطين.
- إعداد نشرة أخبار عن تطورات الوضع في فلسطين لعرضها على المدرسين في وقت راحتهم.
- دعوة المدرسين إلى حضور المؤتمرات التي تناقش تطورات القضية الفلسطينية.
- دعوة المدرسين إلى المشاركة في المسيرات الطلابية والفعاليات المقامة لنصرة فلسطين.
- تنظيم مسابقة خاصة بالمدرسين لعمل بحث عن أحد الرموز الفلسطينية.
- تنظيم ندوة خاصة للمدرسين بداخل المدرسة أو خارجها, واستضافة أحد المتخصصين لشرح أبعاد القضية الفلسطينية بمنظورها الإسلامي.
تاسعًا: تفعيل دور مسجد المدرسة في نصرة القضية الفلسطينية :
للمسجد في الإسلام دور مهم؛ فهو أول بناء بناه النبي r, وهو أول جامعة تَرَبَّى فيها أصحابه y, وهو ملاذ المسلم؛ من هنا كان على المعلم أن يُثَبِّتَ حب المسجد في نفوس تلاميذه, وأن يربطهم به, ويشركهم في أنشطته, ومن أمثلة ما يمكن للمعلم فعله مع طلابه في المسجد:
- تثبيت كلمة قصيرة عقب كل صلاة في مسجد المدرسة تتحدَّث عن القضية الفلسطينية ومستجداتها.
- عمل حلقة تثقيفية في أحد أيام الأسبوع قبل اليوم الدراسي؛ لتوضيح المفاهيم لدى الطلاب تجاه القضية الفلسطينية.
- تنظيم لقاء شهري بعد انتهاء اليوم الدراسي واستضافة أحد أساتذة التاريخ في المدرسة أو من خارجها؛ لسرد الحقائق التاريخية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
عاشرًا: معالجة قصور المناهج التعليمية :
تعجُّ مناهج التعليم في بلادنا بالكثير من الأخطاء التاريخية الفادحة, ومنها ما يتعلق بتاريخ فلسطين, وتشويه الحركة الإسلامية فيها, وعلى المعلم أن يحمل هَمَّ تصحيح هذه المناهج على عاتقه؛ وإلا سيكون مشاركًا في الإثم, وعليه في ذلك ما يلي:
- تصحيح الأخطاء التاريخية في المناهج التعليمية.
- إكمال الموضوعات التي أغفلتها المناهج التعليمية, وخاصة الموضوعات التاريخية التي تشرح التآمر الصهيوني على الخلافة العثمانية, والتخاذل العربي والإسلامي في مواجهة المخططات الصهيونية.
- تعريف الطلاب بتاريخ العداء بين اليهود والإسلام منذ عهد النبي r حتى الآن.
- تعريف الطلاب بالضوابط التي وضعها الإسلام لتوقيع المعاهدات مع الأعداء.