الساهر مشرف المنتدى العام
اوسمتى :
عدد المساهمات : 1624 تاريخ التسجيل : 15/05/2011
| موضوع: الصـــــــــــــــــدق السبت أبريل 28, 2012 7:58 pm | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
عبادة الصدق (بقلم أزهر اللويزي)
لئن يضعني الصدق وقلما يفعل أحب اليَ من أن يرفعني الكذب وقلما يفعل (عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) .
فحديثي لكم عن الصدق الذي به ينال العبد رضا الله تعالى ومحبة الناس وتعلو مكانته ويرتفع قدره ويعظم شأنه عند الخالق وعباده وعند محبيه ومبغضيه .
قال تعالى : " وأذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً " .
يمتدح الله عزوجل نبيه إسماعيل عليه السلام بصفة من أحب الصفات الى الباري عزوجل ألا وهي الصدق .
وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله وكونوا مع الصادقين " 119 التوبة .
يأمر الله عزوجل عباده بشيئين فيهما النجاة وهما التقوى وأن يكونوا مع أهل الصدق واليقين الذين صدقوا لله تعالى نية وقولاً وعملاً وحالاً .
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : حفظت من سول الله صلى الله عليه وسلم : " دع ما يُريبك الى ما لايُريبك , فأنَ الصدق طمأنينة والكذب ريبة " رواه الترمذي .
الصدق طريق يوصلك الى الجنة ويمضي بك حتى تصل الى نهاية رحلتك عند أبوابها الثمانية فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَ الصدق يهدي الى البر وإنَ البر يهدي الى الجنة وإنَ الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدِيقاً " متفق عليه .
فقد قال ابن القيِم رحمه الله : قسم الله الناس الى صادق ومنافق فقال تعالى : " ليجزي الصادقين بصدقهم ويُعذِب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم " فالإيمان أساس الصدق والنفاق أساس الكذب فلا يجتمع كذب وإيمان إلا أحدهما محارب للآخر .
فبالصدق يُعرف أهل الإيمان من أهل الكفر والنفاق وبالصدق يُعرف أهل النعيم والجنان من أهل الجحيم والنيران , لأن الصدق هو روح الأعمال وأساسها وعليه مدارها في القبول أو الرفض .
بالصدق تصل الى رفقة الأنبياء في الجنان ومعك معية الله الرحمن فقد قال تعالى : " اولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقاً " .
تعلَم من الهدهد الصدق :
خرج الهدهد الداعية السائح من فلسطين الى اليمن وعاد ومعه خبراً هاماً لم يعلمه النبي سليمان عليه السلام ولا قومه , فوقف بجرأة وثقة أمام الملك النبي سليمان عليه السلام فقال : " أحطت بما لم تحط وجئتك من سبأ بنبأ يقين " ثم بدأ يعرض لقومه خبر قوم سبأ بحرقة ورأفة وشفقة علىيهم " الذين يسجدون للشمس من دون الله " ثم بسب الهدهد الداعية الصدوق أسلمت مملكة سبأ ودخلت في دين الله تعالى : " قالت ربِ إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله ربِ العالمين " .
هل أنت صدوق ؟ هل أنت صاحب رسالة ورؤية في الحياة ؟ تعلم من الهدهد الطائر الصغير قيمة الصدق والدعوة وكيف أسلمت مملكة سبأ ودخلت في دين الله تعالى بصدقه وإخلاصه ؟.
الطفل الصادق يكسب الجولة :
من هذا الطفل ؟ هو الشيخ عبدالقادر الجيلاني رحمه الله قال : بنيت أمري على الصدق وذلك أني خرجت من مكة الى بغداد أطلب العلم فأعطتني امي أربعين ديناراً وعاهدتني على الصدق ولما وصلت أرض همدان خرج علينا عرب فأخذوا القافلة فمرَ واحد منهم وقال : ما معك ؟ .
قلت : أربعين ديناراً فظنَ أني أهزأ به فتركني فرآني رجل آخر فقال : ما معك ؟ فأخبرته فأخذني الى أميرهم فسألني فأخبرته , فقال : ما حملك على الصدق ؟ قلت : عاهدتني امي على الصدق فأخاف أن أخون عهدها ! فصاح الرجل باكياً وقال : أنت تخاف تخون عهد امك وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله ! ثم أمر بردِ ما أخذوه من القافلة وقال : أنا تائب لله على يديك .
فقال من معه أنت كبيرنا في قطع الطريق وأنت اليوم كبيرنا في التوبة فتابوا جميعاً بسبب خلق الصدق ومكانته وتأثيره في النفوس .
فلنُعاهد الله تعالى على الصدق وأن لا نخون العهد مهما كانت الظروف فأن النجاة في الصدق والهلكة في الكذب .
بعض الناس يصدق في بداية الطريق كطريق التوبة أو الصلاة أو الدعوة أو نشر الخير ولكنه يتقاعس في النهاية ويترك ويتجاهل إنطلاقته الاولى فهؤلاء أقول لهم : إصدق في بداية كل عمل ونهايته وأستمر على الصدق حتى يتحقق فيك : " وقل ربِ أدخلني مُدخل صدق وأخرجني مَخرج صدق " .
وأسأل الله تعالى أن يعطيك لسان الصدق كما طلب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام:" وأجعل لي لسان صدق في الآخرين".
وأبشر من الله تعالى بشيئين : ألأول قدم صدق فقد قال تعالى : " وبشِر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم " .
والشيء الثاني مقعد صدق في الجنة قال تعالى : " إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر " .
رُخص يحق لك فيها المعاريض :
الإصلاح بين متخاصمين , حديث الزوج لزوجته والزوجة لزوجها , مصالح الحرب , فهذه المعاريض التي هي تورية الشيء بالشيء يحتاج لها المسلم في حالات تحدث , والدليل عليها ما روته أسْمَاءَ بنْتِ يَزيد رضي الله عنها ؛ قالت : قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " لاَ يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلاَّ في ثَلاَثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا ، وَالْكَذِبُ في الْحَرْبِ ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ " رواه الإمام أحمد والتِّرمِذي .
ذكـــاء وفطــنة عـالم في المعاريض :
سُئل إبن الجوزي رحمه الله في مجلس من مجالس العلم وكان هناك خليط من السُنة والشيعة : من أفضل أبوبكر أم علي ؟ قال إبن الجوزي : من كانت بنته تحته ؟, فالشيعة قالوا: من كانت ابنته تحته أي بنت النبي تحته يكون علي ؟، والسنة قالوا: من كانت ابنته تحته أي عائشة تحت النبي يكون أبوبكر ؟, خرج الشيعة ويقولون هو يقصدنا ، وخرج السنة ويقولون هو يقصدنا .
فهذه هي فطنة العالم وسرعة بديهته وحدة ذكائه جعلته يجمع الناس ولا يفرقهم ويكسب قلوبهم جميعاً .
وقبل أن نفترق أتركك مع أبيات الشاعر عبدالغني النابلسي يقول فيها :
كن على الصدق مقيما والأدب ... والزم العلم بفهم وطلب
واتق الله بقلب خاشع ... واجتنب ظلمة أنواع السبب
وانظر النور الذي في طيه ... حيث أدنى بالأقاصي واقترب
| |
|