عندما حدثنى صديقى "سيمون فين"عن مشروعه تحمست بشدة له00وصديقى فين من كبار الاثرياء وقد جمع ثروته الطائلة من تجارة الخمور وتقطيرها00وقد اراد ان يعتزل العمل ليستريح كماقرر شراء قصر من القصور القديمة00ثم يعمل على ادخال بعض التحسينات عليها لتتلائم مع الحياة العصرية00ويستطيع بذلك ان يستمتع بالجو التاريخى مع كافة تيسيرات القرن العشرين00
ولقد بحث صديقى طويلا00وزار اماكن متعددة وعاين معظم القصور المعروضة للبيع00وبعضهت يرجع تاريخه للقرن السادس عشر00ولكن يبدو انه لم يجد ضالته00فهاجر الى جنوب فرنسا00وعندما انقطعت عنى اخباره لفترة طويلة حسبت انه صرف النظر عن مشروعه00ولكن بعد مضى اكثر من عامين على رحيله00وصلتنى فجأ00رساله منه
حدثنى فيها انه عاد الى انجلترا00وناه وفق الى ضالته00ووجد قصر احلامه على حد تعبيره00وكان الخطاب مكتوب بحماس شديد00.00ينبىعن فرحة صديقى بتوفيقه فى شراء هذا القصر00ولم يبذل سيمون جهدا فى اغرائى بالحضور لقضاء بضعة ايام معه 00لمشاهدة القصرومتابعة المشاريع الكثيرة التى اعدها لتجديده00واخذ يصف لى فى الخطاب خط السير الذى يجب ان اتبعه لاصل الى قصر "اولدهول" الذى يقبع قريبا من قرية"ويدنهام" عد منخفضات لامبورن فى وسط انجلترا00
وقد جاءت هذه الدعوة فى وقتها تماما00فان عملى كعامل فى الاثار القديمة كان قد استغرقنى لفترة طويلة حتى انى لم احظى بأى اجازة منذ مدة طويلة00ولهذا لم استغرق وقتا لاقرر السفر00وارسلت لصديقى برقيه لاحدد موعد وصولى00
وسرعان ما اعددت حقائبى00وانهيت بعض الاجراءات المتعلقة بعملى واستقليت سيارتى وفى ظهر اليوم التالى كنت على طريق لامبورن00زاخذت اتطلع مأخوزا الى الطبيعة الساحرة من حولى الى القلاع والقصور القديمة00وبعد غداء خفيف باحدى القرى00استأنفت سفرى صوب ويدنهام00
وصلت اخيرا الى كوبرى صغير عبرته00وصعدت الطريق مرتفعا الى هضبة خضراء واوقفت سيارتى بأعلاها وانا مبهور الانفاس00
كان" اولدهول" يتألق تحت شمس الاصيل بجدرانه الحمراء00مهيبادائما00وقدرت فى نفسى انه من طراز مبانى القرن السادس عشر00وكان القصر مبنيا على شكل حرف"H"وفى كل نهايه من نهاياته00تبدو مدخنة لمدفأة00كما استطعت ملاحظة السقالات الموجودة عند اطراف القصر مما يشير الىان صديقى سيمون فين لم يضيع وقتا فى اعادة تجديده00
تمالكت جأشى وانحدرت بسيارتى فى الطريق المؤدى الى القصر00وقبل لن اصله اطلقت نفير السيارة لينبىء اهل القصر بوصولى00وعند الباب كان فى استقبالى وصيف صديقى يطالعنى بمنتهى الترحيب00فبادرته قائلا:-
*حسنا يا راوسون00هل يعجبك المنزل الجديد00؟؟
*جدا يا سيدى00وعندما ينتهى سيدى مستر فين من تجديده00سيصبح شىء ممتازا00ولكن كلما حدثنى سيدى عن مشاريعه فى تجديد القصر لا اتصور انه يمكننى ان اعيش حتى ارى كل هذه التجديدات00
وكنت اعرف راوسون جيدا00فقد قام بتربية سيمون وكان له بمثابة الاب الروحى00كما كنت اعرف شغفه الشديد بالثرثرة00
فقلت له باسما لاستحثه على الكلام:-
دعك من هذا يا راوسون00لا يمكن ان يكون الامر بهذا السوء00
*بالله يا سيدى00ان لمستر فين مشاريع كثيرة00خذ مثلا حجرة الطعام00انها صغيرة حقا ولاكن ما حاجتنا الى حجرة طعام كبيرة00ان سيدى يقوم بهدم جزء من الحائط لتوسيع الحجرة00واكثر من هذا سيهدم السقف حتى تصبح حجرة الطعام بأرتفاع القصر00هل تتصور هذا يا سيدى؟؟00وهؤلاء العمال00لا احسب انهم يمكن ان ينتهوا من عملهم قبل عيد الميلاد القادم وانا0000
ولكنه بتر جملته فجأة وانهمك حاملا حقائبى عندما ظهر سيمون فين 00الذى قال له ضاحكا:-
*لقد سمعتك يا راوسون0000
وتمتم راوسون من بين اسنانه ببعض عبارات مبهمة ثم ذهب حاملا حقائبى00بينما استطرد فين قائلا:-
*مسكين راوسون العجوز00انه لا يستطيع ان يشاركنى الحماس فى تجديد قصر"اولدهول"ولاكننى سعيد بحضورك00وامل الا تكون متعبا من الرحلة00اننى اقيم حاليا فى الجناح الغربى00واتناول الطعام فى المكتبة لحين الانتهاء من تجديد بقيه الحجرات00
00وتطلع فى ساعة يده ثم استأنف حديثه00
امامنا ساعة على موعد تناول الشاى00ويسعدنى ان اريك المكان وبعد العشاء سأطلعك على الخرائط التى اعددتها لتجديد القصر00
وليس من المهم ان اثقل عليكم بتفاصيل لا علاقة لها بالاحداث التى ستقع فيما بعد00
ولكن حسبى ان اقول ان حماس صديقى كان فى محله تماما00
اخذ صديقى يدور فى الاتجاهات المختلفة واستطعت ان اعد اربعة عشر حجرة للنوم00كان سيمون ينوى ان يفتح حوائطها ليدمجها وينشىء منها ثلاث حجرات فحسب00بخلاف حجرات المعيشة والصالوناتوالمكتبة وغيرها00
كان القصر حقا اكبر مما تصورت00واخيرا00عدنا ثانية الى الطابق الارضى بعد ات زرنا بقية طوابق القصر00وقال لى سيمون وهو يقودنى الى احدى الحجرات00
"هناك حجرة اخيرة اود ان تراها قبل لن تتناول الشاى"
ووجدتنى فى احدى الحجرات الصغيرة فى نهاية الجزء الشرقى من المنزل00 وكان يبدو ان العمال الذين يقومون بالبناء قد اتخذوا من هذه الحجرة مركزا لهم00فقد كانت الحجرة مليئة بالسلالم الخشبية00والجداول والمعاول00والمهمات الاخرى الخاصة بالهدم00واشار صديقى الى حائط الحجرة وهو يقول:-
ما رأيك فى هذا؟؟00اليست غريبة الشكل؟؟00
وتطلت الى حيث يشير لتطالعنى مدفأةمبنية بشكل رائع00
وتبدو قديمة جدا00وكانت محلاة بزخرف ونقوش بديعة 00ولكن الغريب فى الامر00
انها كانت مسدودة بحائط من الطوب الاحمر00
وقال فين موضحا لى:-
لقد كانت هذه الحجرة جزء من احد ممرات قصر "تيودور"الذىأسميته"اولدهول"
وانوى ان أهدمالحائط الذى يفصل هذه الحجرة عن الحجرة المجاورة 00واتخذ من الحجرة الجديدة مكتبا لى00
ولكنى مندهش حقا كيف يسد اى شخص هذه المدفأةالجميلة؟؟00
وفى تلك اللحظة000000000000
دخل احد عمال البناء الى الحجرة وعندما شاهد فين00 رفع له قبعته محييا ورد فين التحية وسأله:-كم يلزم من الوقت00لتهدم هذا الحائط الذى يسد المدفأة؟؟؟
والقى العامل نظرة فاحصة على المدفاة والحائط الذى يسدها ثم طرقها بيد خبيرة واجاب متمهلا00
حسنا يا سيدى 00لو انها طوبة واحدة كما اعتقد00فان الامر لن يستغرق اكثر من عشرين دقيقة 00هل تريدنى ان اشرع فى هدم هذا الحائط الان يا سيدى؟؟ 00000واجاب سيمون 0000نعم00
ولكن ارجو ان تعمل فى الوسط حتى لا نمس الزخارف المنقوشة على جانبى المدفاة000
وغادر الحجرى00وقد شرع العامل فى طرق الحائط00ثم توجهنا الى المكتبة00 وكنا قد انتهينا من احتساء الشاى حين دخلت الخادمة الى الحجرة00لتبلغ صديقى ان العامل الذىيعمل فى هدم المدفاة00يرغب فى محادثته00واذن له فين بالدخول00
وجاء الرجل مترددا وقبعته فى يده00
· ارجو المعذرة يا سيدى00فلم اكن ارغب فى ازعاجك00لقد قمت بهدم جزء من الحائط الذى يسد المد فأة كما امرت00ولكن رائحة كريهة تصاعدت من داخل المدفأة 00000
· وتدخلت فى الحديث متساثلا0000ما نوع هذه الرائحة00
- حسنا 00انها من النوع الذى تحار فى وصفه يا سيدى00ولا لعلم مل هى بالضبط انها تبدو كما لو لن هناك شىء يحترق 00ولعلك يا سيدى تستطيع ان تعرف اى رائحة تلك 00
ونهضت مع صديقى وتبعنا العامل الى حجرة المدفأة00وعندما وصلنا الحجرة شممنا رائحة غريبة كريهة 00لم تكن الرائحة نفاذة لاكنها موجودة لا شك فى هذا00وكانت هذه الرائحة تبدو كرائحة المطبخ القذر 00فهى خليط من رائحة الدهن واللحم ورائحة قماش محترق 00وفتح فين نوافذ الحجرة وقال 0000
0 انى استطيع ان ارى السماء من هنا 00وكان صوته خافتا 00كأنما يتكلم من مكان بعيد00ثم استأنف قائلا0000لا يوجد هناك شىء00ولا استطيع ان ارى ما يمكن ان يسبب هذه الرائحة الكريهة000ثم اطلق فين صيحة دهشة وسحب رأسه مسرعا من داخل المدفأة00
وصاح لاعنا0000
اللعنة على هذه الطيور00احسب انه غراب كبير اسود00ويبدو ان هناك عش اعلا المدفأة00فقد شاهدت جناح الغراب 00وهو يرفرف محلقا00وقد افزعه صوتى00
وفى تلك اللحظة سمعنا صوت شيىء اخر يسقط داخل المدفأة00وامسكت بالمعول وادخلته فى الفتحة واخرجت الشيىء الذى سقط00وكان كومة من الخرق البالية00والقاذورات والقماش المحترق00وكان منظرها قميئا فأعدتها ثانية الى المدفأة00
وغادرنا الحجرة سويا00
ولم يحدث فى تلك الليلة شىء جديد يستحق ان يذكر00فقد تناولت العشاء مع فين00وقضينا حوالى الساعتين نتبادل الحديث00ونتشاور فى مشاريع تجديد المنزل00 واخيرا فى تمام الحادية عشر مساء00توجهنا الى حجرات النوم00وقال فين قبل ان نأوى الى مخادعنا00
يا للمساء يبدو ان هذه الرائحة الكريهة00لا تريد ان تفارقنى فانى لم ازل اشمها حتى الان00ولقد حاولت جاهداان انزع هذه الفكرة من ذهنى00ولاكنى لا استطيع00 يجب ان اذهب لاغلاق الحجرة حتى000000
00حتى لا تنتشر الرائحة فى المنزل كله00
وذهب فين لاغلاق حجرة المدفأة00وعاد بعد قليل ليقول لى00
-كانت الحجرة مغلقة فعلا00وقد فتحتها والغرين انى لم اشم اى رائحة بداخل الغرفة00اه حسنا00يمكننا ان ننظف المدفأة جيدا غدا حتى نزيل كل اثر لهذه الرائحة00والقى الى بتحية المساء00وذهبنا للنوم00
استيقظت مبكرا صباح اليوم التالى00وفى تمام الثامنة كنت قد ارتديت ملابسى استعدادا للقيام بجولة فى المنطقة المحيطة بقصر اولد هول00سرت فى الردهة المقابلة لحجرتى00وعندما وصلت الى السلم الداخلى للقصر00استطعت ان اميز اصوات0حوار يدور بين امرأة ورجل00ولم استطع ان امنع نفسى من التطلع والانصات اليهما00كانت المرأة هى احدى الخادمات وهى نحو الخمسين من عمرها00اما الرجل فكان العامل الذى هدم الحائط بالامس00قالت المرأة00
_ تبا لكم يا رجال00تكلون هنيئا00وتنتظرون ان تجدوا من ينظف بعدكم00لكم يسعدنى ان اراكم ترحلون عن هنا00انى امرأة لا تشكو العمل00ولكن هناك عمل يتحتم على ان اقوم به 00وعمل اخر ليس مفروضا ان اعمله00انى اقوم بالنظافة حقا00ولكنى غير ملزمةبتنظيف قاذوراتك انت وزملاءك العمال00وعندما يصل الامر ان تلقوا بخرق محترقة فى ممرت القصر فان هذا لا يحتمل انا لا استطيع ان اجمع هذه المهملات المحترقة00انى0000
فقاطعها عامل البناء قائلا00
" اسمعى يا مس فيشر00لاخر مرة اقول لك انى لم اتسبب فى هذه القاذورات00لقد تركنا الاشياء المحترقة فى حجرة المدفأة امس00ولا اعلم ماذا القاها فى الممر00 كما لا اعلم لماذا تعتقدين انى اقوم ببعثرةهذه الاشياء المحترقة فى داخل القصر"
* حسنا اذهب لعملك00ولكن لو رأيت اى من هذه الخرق البالية المحترقة فى اى مكان بعد ذلك فسأذهب لسيدى فورا00واذا رأيت رئيس العمال تأكد انى سأقول له رأى بصراحة00
وهرول العامل هاربا من لسان المرأة السليط00 واكملت نزول السلم00وعندما مررت على مس فيشر القيت عليها بتحية الصباح00
فردت التحية بفتور مما جعلنى اسرع فى طريقى قبل لن تشرع فى الشكوى وان كنت تعجبت فى نفسى عن سبب بعثرة هذة الخرق المحترقة فى ممرات المنزل ولعل هذه الخرق هى نفسها التى يقطت من المدفأةامس 00وخرجت للتريض فى المنطقة المجاوة00وعدت بعد نصف ساعة لاتناول افطارى مع صديقى سيمون وانا فى حالة نفسية عالية00ومر اليوم هادئا00فقد جاء المهندس المشرف على اجراء التغييرات فى حوالى العاشرةصباحا وهو شاب ظريف يدعى هنسون00وفحص المدفأة ثم اكمل تنظيفها وازاحة الحائط الذى يغلقها 00واستغرقنا العمل طوال اليوم دون ان يحدث شىء ذو بال00غير اننا لم نجد اى عش للطيور او اى اثر لاى طائر بالمدفأة00او بالمدخنة الخاصة بها
00
وفى اليوم الثالث00بدأت الاحداث المشؤومة تتوالى000قمت بجولتى المعتادة صباحا00ثم توجهت الى الحديقة واردت اختصار الطريق فقررت الذهاب الى حجرة المكتبة عن طريق الشرفة00ولمحت سيمونجالسا فى حجرة المكتبة00ولدهشتى وجدت وصيفه راوسون جالسا فى مقعد وثير امامه00وترددت عند الباب برهة ولكن سيمون لمحنى فدعانى للدخول00
"ادخل 00واستمع الى ما يقوله راوسون اتصدق00انه رأى شبحا00"
كان صوته مرحا وهو يقول ذلك00ولكنى لمحت علامات القلق والتوتر بادية بوضوح على وجهه00وكنت اعلم ان سيمون يحب راوسون جدا00ورأيت الاخير يكاد يكون منهارا على مقعده00وما ان لمحنى راوسون بدوره وقد دخلت الغرفة حتى بادرنى قائلا00
حسنا يا سيدى00انى لا استطيع ان امكث ليلة واحدة فى هذا المنزل00ولو دفعت لى مليون جنيه00وانه يؤسفنى جدا ان اغادر سيدى الان وخصوصا بعد هذه السنين الطويلة00ولكنى لا استطيع ان اقضى ليلة اخرى تحت سقف هذا المنزل00انى لم اعد شابا كما كنت00وصدمة اخرى كالتى حدثت لى امس كفيلة بأن تقضى على فأنا لم يغمض لى جفن طوال ليلة امس 00وطوال الليل كنت ارى هذا00هذا الشبح واقفا فى مكانة يحدق فى البصر بعيونه المرعبة
انى احس بالرجفة لمجرد الحديث عن هذه التجربة المرعبة00 واطرق سيمون برأسه ثم قال 000
- اسمع يا سيمون00عندى حل00 انك تستحق اجازة بعد شهر تقريبا00اليس كذلك00؟؟
- حسنا وكنت تنوى ان تذهب الى شقيقتك المتزوجة لقضاء الاجازة فى منزلها 00اليس كذلك00؟؟
- وهز راوسون رأسه موافقا00
- واكمل صديقى حديثه00اذا دعنا نرسل برقيهِ الى اختك نبلغها انك قادم اليها الان00ولك ان تاخذ اجازة لمدة شهرين حتى تستريح اعصابك وتستطيع ان تسافر اليوم اذا اردت 00واحسب ان العمل المتواصل فى المنزل قد ارهقك وطبعا انا لا استطيع ان اقبل استقالتك00فما رأيك00؟؟
- واقتنع راوسون اخيرا 00وارسلنا برقية الى شقيقته وجاء الرد بعد الظهر بانها على استعداد لاستقباله 00واعد راوسون حقائبه واستعد لمغادرة القصر قبل حلول المساء 00ولكن قبل ان ينصرف جذبنى من ذراعى جانبا وهمس فى اذنى00000
- اسهر على مستر فين يا سيدى000واحرص عليه00انى احبه جدا وارجو الا يحدث له شيىء 00وصدقنى يا سيدى ان هذا القصر ملعون 00
- وهناك روح شريرة تجوس خلال جدرانه00ثم رحل000000
- وعلى مائدة الشاى سألت سيمون عما رأه راوسون بالضبط 00فأجاب
- هذا هو السخف فى الموضوع كله 00فهو لايريد او لايستطيع ان يعطى صورة صادقة عما رأه بالضبط 00وكل ما فى الامر انه استمر يردد انه شاهد خيالا 00او شبحا ظل ينظر اليه طوال الليل 00وقد كان مضطربا جدا فلم اشأ ان اثقل عليه ولكنه مصر على روايته ويؤكد ان ظهور الشبح مرتبط دائما برائحة كريهة نفاذة00
- لقد بدأت اندم على فتح المدفأة وانى افكر جديا فى اعادة بناء الحائط الذى كان يسدها 00
- واجبت قائلا00000
- لا تتسرع يا سيمون 00دعها يوما اخر ولعلنا نكتشف بأنفسنا سر الموضوع بأكمله0000
00انك لو اغلقت المدفأة الان ستظل قلقا طوال عمرك ولا تعرف مدى صحة راوسون ان قصة الشبح ليست من الامور التى يستطيع المرء ان يتجاهلها تماما 00
00وهكذا تركنا الامر وبيننا تفاهم صامت متبادل 00ولم نطرق الموضوع بقية اليوم00ورغم ان الاحداث القادمة فى القصة قد مر عليها عدة سنوات00ورغم انى قد بلغت من العمر سنا يسمح لى بأن اقول انى رجل ذو يجربة00رغم كل هذا فلا زلت حتى هذه اللحظة ارتجف كلما تذكرت التجربةالرهيبة التى مرت بى والذعر الهائل الذى انتابنى بل ان القلم يرتعش فى يدى الان وانا استعيد ذكرى هذه الحادثة المفزعة فى ذهنى
000ففى تلك الليلة 00تعشينا -سيمون وانا سميا كالمعتاد 00وقررنا ان نقضى بعض الوقت فى حجرة المكتبة -كان على صديقى ان يحرر بعض الخطابات الخاصة بعمله00وانتحيت انا ركنا مريحا واشعلت غليونى وجلست اقرأ فى هدوء0000
وفى منتصف العاشرة مساء00انهى سيمون عمله وقام من على مكتبه واقترح ان 000
نذهب للنوم00واكنى اخبرته انى اود ان استمر فى المطالعة لفترى اخرى وطلبت منه ان يذهب هو للنوم دون ان يقلق نفسه بانتظارى 00ولم يكن فى ذهنى اى خاطر خاص بقصة الشبح ولم اتعمد ان ابقى وحدى لارى اى اشباح 00فلست ادعى لنفسى هذه الشجاعة0000
المهم0000القى سيمون بتحية المساء وغادرنى00وتركنى بمفردى فى حجرة المكتبة
00كنت جالسا فى مقعد وثير ليس بعيدا عن باب الحجرة00وكانت الحجرة مضاءة بمصباح القراءة فقط00الذى يرسل نوره فى دائرة حول مقعدى 00بينما تسبح بقية الحجرة فى الظلام00اخذت ادخن غليونى وقد استغرقت فى المطالعة00وبعد حوالى عشرين دقيقةمنذ غادرنى صديقى رأيت ان غليونى انطفأ وانه يحتاج الى اعادة اشعاله00واخرجنى هذا من استغراقى فى القراءة00وفى تلك اللحظة00شممت رائحة غريبة قريبة منى00رائحة نفاذة كريهة00اعرفها جيدا اشممتهامن قبل عندالمدفأة00انتبهت وتوترت اعصابى قليلا00ونظرت حولىوقد خيل الىان دائرة الضوء التى تنير الحجرة قد اخذت تضعف00واحسست بتياربارد يسرى فى جسدى حتى اقشعر بدنى 00وانتابنى احساس مبهم انى لست وحيدا بالحجرة وان معى شىء ما 00او شخص ما00وخفق قلبى بعنف 00واسرعت دقاته00وادرت رأسى ببطء لاستطلع الامر00وليتنى ما نظرت00ليتنى ما كنت فضوليا00فلولا فضولىلما نظرت حولى لاستطلع الامر 00لان ما رأيته سيظل يطاردنى و يقلص مضجعى طوال عمرى00
فخارج دائرة الضوء تماما00رأيت0000
00رأيت خيالا00خيال شخص اوشبح00ومهما اوتيت من قدرة على التعبير لا استطيع ان اصف الرعب الهائل الذى احسست به وقتئذن ولن استطيع ان اصف منظر هذا الشبح المرعب00كان خيال رجل00رجل ميت واقف امامى تماما تسير جسده بعض الخرق البالية المحترقة00وكانت سيقانه عارية00وتبدو نحيفة جدا00وسوداء متفحمة اكلتها النار00حتى عظامه واضحة للعيان00اما رأس الرجل00فهذى التى اصابتنى بزعر لا يوصف0000
كانت رأس الرجل المحترقة عارية من الشعر00 ووجنتاه غائرتان متأكلتان00وجلده اسود متفحم00وتتهدل منه بعض الشرائح المحترقة00كان رأسه عبارة عن جمجمة00
جمجمة لها عينان تبرقان فى عنف وتحدقان البصر فى وجهى مباشرة00رجل تحترق كا ما فيه ماعدا عيناه00رجل ميت تماما وعيونه حيه00متيقظة00مرعبة00رهيبة00
كان وجه رجل مات من مئات السنين وظلت عينه حية تشع الرعب والهول00
ورغم ان الصدمة اذهلتنى لفترة00الاانى تمالكت جأشى واسرعت مهرولا اتخبط انشد الفرار00واتجهت صوب باب الحجرة مزعورا لاهرب00ولكنى وجدت الباب مغلقا 00واخذت اجاهد يائسا لافتح الباب00وانا احس بدبيب اقدام الرجل الميت تقترب منى فى بطء واخذت اضغط على الباب واضربه00بيدى وقدمى فى جنون حتى استطعت ان افتحه عنوة وقد كادت يد الميت ان تطبق على عنقى00وانفتح الباب بشدة وتعثرت حتى كدت اسقط ولكنى تماسكت وجريت مسرعا فى البهو واخذت اصعد السلم جديا حتى وصلت الى حجرة سيمون ودققت الباب بعنف 00وفتح لى سيمون الحجرة فدخلت واغلقت الباب خلفى00وانهرت على الارض وانا فى حالة شنيعة00
وصاح فى فين 00"بحق السماء 00ماذا دهاك يا رجل00؟؟!!!!"
وبأنفاس متقطعة اخذت اقص على صديقى ما حدث00واخذ يهدىء من ثائرتى و صب لى كأسا من البراندى وله كأس اخر ولم يجرؤ اى منا على الخروج لاستطلاع حقيقة الامر وطلب منى ان ابيت معه الليلة فى حجرتة وهى دعوة ما كنت استطيع ان ارفضها 00اخذنا نحتسى كؤسنا فى صمت 00ونحن نتوقع ان يفتح الباب فى اى لحظة لتفاجئنا جثة الرجل المحترق تقتحم علينا الحجرة
قضينا الليلة ساهرين نتدبر الامر00وفى الصباح ذهبنا الى حجرة المكتبة فلم نجد بها اثر لاى شبح00واعطى سيمون اجازة لكل العاملين فى القصر كما امر بايقاف اعمال الترميم والبناء 00وانتقلنا سويا للاقامة بفندق القرية00
وقررت ان اجرى بحثا لمعرفة سر شبح المدفأة00وفعلا توجهت الى مكتبة القرية واخذت اتصفح المجلدات التى تتحدث عن التاريخ القديم للمنطقة00واخيرا وقع تحت يدى المخطوط الذى ابحث عنه00وكانت احى الكتب القديمة التى تتناول بين صفحاتها الحديث عن القصر الذى اشتراه صديقى00
يرجع تاريخ القصر الى عام 1640وقد اقامه"جوليوس كروسلى" وكان الاخير اعذبا ويقيم بمفرده فى القصر 0وكان مشهورا بالشراسة والغطرسة وضيق الافق حتى اصبح مكروها من جميع اهل المنطقة وكان كثير الاعتداء على جيرانه وسلب ماشيتهم فاكتسب عداء الجميع00
وذات يوم00ثار عليه فلاحوا اقطاعيته فقرروا الخلاص منه00وسمع كروسلى الشائعات تتردد عن ثورة الفلاحين 00ولكنه لم يأبه للامر 00حتى وصلت جحافل الثاثرين الى ابواب قصره واسقط فى يدهم ولم يجد مخرجا من هذا المأزق00ولهذا فقد اختبأفى المدفأة على امل ان يبحث عنه الثائرون فلا يجدوه ويخرج بعد ذلك من مكمنه للانتقام منهم000
ولكن شاء القدر غير ذلك00فقد وشى به احد الخدم00فما كان من الفلاحين وقد عرفوا مخبئه الا ان اشعلوا نارا حاميه فى المدفأة 00وتركوها ختى اتت على كروسلى00ثم قاموا ببناء حائط لاخغاء جريمتهم 00
وقصصت على صديقى هذه القصة 00وقررنا ان نتخلص نهائيا من جثة بروسلى00فعدنا الى القصر واخرجنا النفايات الموجودة بالمدفأة ودفناها فى المقابر القريبة00 ثم نظفنا المدفأة جيدا 00وعاد صديقى للسكن فى القصر مطمئنا000
حقا 000لم يظهر شبح المدفأة بعد ذلك00ولكن مهما طال بى العمر00فلن انسى ابدا تلك الليلة المرعبة00وجثة بروسلى المحترقة ترمينى بنظراتها المسعورة00