أول من كسى الكعبة الديباج
واخـتلف أهل السـيـر في أول من كسى الكعـبـة
الديباج، فـقال ابن إسحاق: هو الحـجاج بن يوسف.
وقال ابن بكار: هو عبد الله بن الزبير. وقال الماوردي:
أول من كساها الديباج خالد بن جـعفر بن كلاب، أخذ
لطيمة تحمل البز وأخذ فيـها أنماطا فعلقها على الكعبة.
وذكر جـماعة منهم الدارقطني أن نتـيلة بنت أجناب أم
العباس بن عبد المطلب كـانت قد أضلت
العباس
صغيرا، فنذرت إن وجدته أن تكسو الكعبة الديباج.
وحكى الأزرقي أن معاوية كسى الكعبة الديباج، قال:
وكـانت تكسى يوم عـاشـوراء، ثم إن مـعاوية كـسـاها
مرتين،، ثـم كساها المأمـون ثلاث مرات فكان يكـسوها
الديباج الأحمر يوم التروية، والقباطي يوم إهلال رجب،
والديباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان.
وهذا الأبيض ابتدأه المأمـون سنة ست ومائتين، حـين
قالوا له: الديباج الأحـمر يتخرق قبل الكسـوة الثانية.
فسأل عن أحسن ما تكون فيـه الكعبة، فقالوا: الديباج
الأبيض. ففعله.
قلت: وهي الآن تكسى في العـام مرة واحـدة، فى
وقت الموسم، وتحمل إليها الكسوة من الخزانة السلطانية
بالديار المصـرية صـحـبة الركـب، فيـولي ذلك أمـراء
الركب، ويحضرون بأنفسهم، فتكسى، ويأخذ الأشراف
وبنو شيبة الكسوة العتيقة ويقتسمونها، ويأخذون في كل
قطعـة منها أوفـر الأعواض، وتحـمل إلى سائر البـلاد
للبركـة، وعهدي بصـاحب اليمن يبـعث إليها كـسوة،
فتلبس تحت الكسوة المصـرية، وهما سوداوان من الحرير
الأسود بكتابة بيضاء فيها آيات جاءت في القرآن في ذكر
الكعبة، ولما حججت سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة
صعدت أنا وأمراء الركب المصري لتلبيس الكعبة الشريفة
حتى كـنا على سطحهـا فرأيته مـبلطا بالمرمر والرخام
الأبيض، ومن جـوانبه جـدر قصار فـيهـا حلق لمرابط
السـتور تجـر فيـها الكسـوة بحبـال، ثم تربط في تلك
الحلق، وأنا أحـمـد الله إذ بيـدي توليت خلع الكسـوة
العتيقة عنها وتلبيسها الكسوة الجديدة، وحملت الكسوة
العتـيقة في تلك السنة إلـى السلطان بمصر لتجـهز إلى
السلطان أبي الحـسن المزيني مع مـا تجـهز عـوض هدية
بعثهـا في هذه السنة صحبة مريم زوجـة أبيه، وعريف
السويدي وجـماعة من أكابـر دولته، وعوض بنو شيبة
والأشراف عنها من بيت المال بمصر، والعادة جارية أن
تغسل الكعبة المعظمة بماء زمزم في السابع والعشرين من
ذي القعدة وتشـمـر ستـورها، وتلبس يوم الأضـحى
وتغـسـل بماء الورد عنـد عـود الركب مـن منى أوان
منصرفهم، وكل ذلك حضرته في هذه السنة وتوليته بيدي
والحمد لله.
وأما أول من كـسى الكعبة مطلقـا، فحكى الأزرقي
عن ابن جـريج أن تبعا أول من كـسى الكعبـة كسـوة
كاملـة، أري في المنام أن يكسوها فكسـاها الأنطاع، ثم
أري أن يكسوها الوصائل فكساها، وهي ثياب حبرة من
عصب ثم كساها الناس بعده في الجاهلية.
قـال السهـيلي: ويروى أن تبـعا لما كـساها المسـوح
والأنطاع انتـفض البـيت فـزال ذلك عنه حين كـسـاها
الخـصف، وهي ثياب غـلاظ، فـلما كـسـاها الملاء
والوصائل، وهي ثياب موصلة من ثياب اليمن واحدتها
وصيلة قبلتـه، ذكره قاسم في الدلائل، وروى الأزرقي
بأسانيد متفرقة أن النبي صلى الله عليه وسلم كسى الكعبة، ثم كساها أبو
بكر وكساها عـمر من بيـت المال القباطي، وكسـاها
عثمان، ومعاوية، وعبد الله بن الزبير من بعدهم، وقال
تبع لما كسى البيت:
وكســونا البيـت الـذي حـرم اللـه
|
| مــــلاء معضـــدا وبـــرودا
|
فأقمنــا بـه مـن الشـهر عشــرا
|
| وجعلنــــا لبابــــه إقليـــدا
|
ونحرنــا بالشــعب سـتة ألــف
|
| فـــترى أنــاس نحــوهن ورودا
|
ثــم ســرنا عنــه نـؤم سـهيلا
|
| فرفعنــــا لواءنـــا معقـــودا
|