مر عام ومازال حادث تفجير كنيسة
القديسين بالإسكندرية, الذي راح ضحيته20 قتيلا لا ذنب لهم سوي أنهم
كانوا يصلون لاستقبال عامهم الجديد,
القمص مقار فوزى عالقا بالأذهان, ومازالت جراح المصابين تئن من هول تلك التفجيرات التي أدمت قلوب المصريين بمختلف طوائفهم.
التقت الأهرام راعي كنيسة القديسين القمص مقار فوزي في حوار لا تنقصه
الصراحة, وطرحت عليه العديد من الأسئلة حول هذا الحادث الأليم وتحدثت معه
في قضايا الساعة الراهنة, لاسيما بعد صعود التيار الإسلامي.. وهكذا دار
الحوار:
> بداية ما تقويمك للحادث بعد مرور عام علي تلك التفجيرات؟
>> الحادث كان بشعا وكان غريبا من نوعه علي مصر والمصريين.. ترك لنا
جراحا عميقة في القلب.. لم تلتئم ودعاؤنا الوحيد أن نصبر علي هذه الفجيعة
التي راح ضحيتها20 شهيدا لا ذنب لهم سوي أنهم كانوا يصلون داخل كنيستهم
ويرددون ترانيم السلام.
>.. وماذا عن معلوماتك حول التحقيقات التي تمت حول الحادث؟
>> الدولة لم تهتم بهذا الحادث بدليل أنه لا يوجد أي نتائج ملموسة حتي الآن والأمر مازال غامضا لدينا ولا نعرف أين الحقيقة!!
> تردد أن الكنيسة لديها معلومات حول مرتكبي الحادث.. ما قولك؟
>> نعم ردد البعض شائعات حول الحادث وكثر اللغط, فمنهم من قال إن
هناك أصابع خارجية ارادت زعزعة استقرار مصر الداخلي, وهي التي أقدمت علي
هذا العمل, ومنهم من قال إن اللواء حبيب العادلي هو الذي أقدم علي هذا
التفجير ليضمن بقاءه في وزارة الداخلية, لكننا لا نمتلك أدلة دامغة تؤكد
لنا من هم مرتكبو هذا العمل الإجرامي.
> وهل لديكم الإحساس بأن وزير الداخلية الأسبق وراء تلك التفجيرات؟
>> نحن لسنا جهة تحقيق ونحن كرجال دين لا نناصب العداء لأحد, فلا
يوجد دليل يقيني لارتكاب العادلي هذا العمل, فلن نجرمه أو نلقي عليه
اتهامات قد تكون باطلة يحاسبنا عليها الرب.
>.. وهل تري أن دور الأمن كان غائبا قبل وبعد ارتكاب الحادث؟
>> الأمن دائما كالأفلام العربية يأتي بعد وقوع الحادث, وهو في هذه
الفترة بالذات كان يروع الناس ويخيفهم في قضايا كانت من نسج خياله.
> قلتم إن ثورة25 يناير كانت انتقاما لشهداء الكنيسة وكانت بمثابة عدالة السماء؟
>> هذا الكلام لا يقوله رجل دين عاقل فلن نتشفي في نظام سابق أو حالي.. وهذا الأسلوب يخالف عقيدتنا الإيمانية.
> وما رأيكم في نجاح الثورة.. وهل كانت لكم طوق النجاة؟
>> كانت ثورة مجيدة باركها الرب ونتمني أن تعود بخير علي ربوع مصر.
> وماذا عن سلبياتها التي تراها؟
>> أنا حزين مما يحدث من تضارب في الرؤي.. فلا يوجد خط واحد تتفق
عليه كل القوي,> ماذا فعلت الكنيسة للمصابين, وهل قدمت الدولة الدعم
لهم؟
>> وقفت الكنيسة وقفة مادية تعويضا لهؤلاء الشهداء وقمنا بتغطية
كامل النفقات لأسرهم.. أما الدولة فقد عاملتهم كباقي شهداء ثورة25 يناير
تماما.
> ألا توافقني الرأي في أن الحادث وحد الأقباط والمسلمين في تلك الفترة بالذات؟
>> نحن شعرنا بأن حزن المسلمين كان لا يقل عن حزن الأقباط في تلك
الحادثة.. وكانوا يلازموننا جنبا الي جنب.. لكن المشكلة أننا في مصر لا
نستثمر الأحداث الإيجابية!
> ألا يخيف رجال الكنيسة وأبنائها في مصر صعود الإسلاميين؟ وما تقويمكم للتجربة الانتخابية التي تجري علي أرض الوطن؟
>> لدينا يقين كامل أن المسلمين هم المسلمون ومسألة صعودهم كانت
أمرا طبيعيا, فهم يمثلون الأغلبية شبه كاملة في الدولة.. وأنا علي المستوي
العام مطمئن تماما.
> وما سر عدم خوفك من التيار الإسلامي, خاصة السلفي؟
>> منذ آلاف السنين نحن نعيش في ظل الحكم الإسلامي, فما الجديد علينا في التعايش مع هذا الأمر؟!
> ألا تخشي اصطداما فكريا في الفترة المقبلة, خاصة مع السلفيين؟
>> أثق أن هذه الفئة ستعدل من أفكارها وآرائها عقب دخولهم البرلمان
مباشرة.. ولدي شعور يقيني بأنه لن يحدث شطط فكري تجاه اخوانهم الأقباط!!
> وماذا لو حدث؟
>> أري أن المسلمين المعتدلين سوف يتصدون لهم بكل حزم قبل أن يتصدي لهم الأقباط أنفسهم.
> إذن.. فهل قررتم التعامل معهم ومناقشتهم في قضاياكم؟
>> ولما لا نتعامل معهم؟ هل هم أعداؤنا.. فنحن نسير في ركب المسلمين
المعتدلين.. وما يسري عليهم سيسري علينا.. فنحن علي مسافة واحدة معهم جنبا
الي جنب مع الفئات المعتدلة بالدولة.
> هل تري أن التيار السلفي متشدد تجاه قضايا الأقباط في مصر؟
>> إن كان للتيار السلفي رجاله المتشددون, فما لنا بهم من صنيعة,
فلدينا علي الجانب الآخر من نفس التيار رجال عقلاء, فالتعامل معهم أفضل.
> هل تتوقع اختلاف حكم الإسلاميين عن الحكم السابق؟
>> في الحكم السابق لم نأخذ حقوقنا.. والكل يعلم أن هناك اضطهادا
لنا في كثير من الأمور.. لكن أتوقع أن يختلف الأمر تماما في الفترة
المقبلة.. فأري أن دفاع المسلم لنا في مجلس الشعب عن قضايانا أقوي من دفاع
القبطي ذاته عن نفس القضية..
> وماذا عن دعوة الكنيسة لعدم منح أصوات الأقباط للمسلمين بالانتخابات؟
>> هذا كلام فارغ ومغلوط.. فنحن منحنا أصواتنا للإخوان المسلمين في
الإعادة بالتحديد.. ولم نتخذ من الكنيسة منبرا للدعاية الانتخابية.
> ولماذا لم تمنحوها للتيار السلفي؟
>> نري أن في الإخوان يسهل التفاهم والتسامح معهم أكثر من أي تيارات
أخري.. نختلف معهم لكننا نلتقي في الكثير من الأمور وحل القضايا, لذا
أعطيناهم أصواتنا إيمانا منا بأنهم أهل ربط وحل.
> ألا يقلقكم اختيار الاخوان ضد السلفيين من تعامل الأخير لكم بتصفية الحسابات؟؟
>> لو كان للسلفيين ضمير وحس وطني ووازع إيماني كما يرددون فلن
يغفلوا حقوقنا.. وتوليهم قيادة البرلمان لا يقلقني علي الإطلاق علي عكس ما
يتوقعه الكثيرون بمن فيهم المسلمون أنفسهم, فلن تحدث تصفية حسابات كما
يشاع.
>> تردد أن الكنيسة قد ساعدت في إسقاط عبدالمنعم الشحات المتحدث الرسمي السابق باسم حزب النور؟
>> لقد أسقطه المسلمون العقلاء قبل أن يسقطه الأقباط.. فلماذا يلومنا البعض علي إخفاق الشحات؟
> ما رأيك فيما ردده بعض السلفيين الذين نادوا بحقوق الأقباط؟
>> أري أن منهم الحكماء والعقلاء ولا أتوقع نيات غدر منهم.
> هل توافقني الرأي في أن أقباط الداخل والمهجر يستمعون دائما للغرب في قضاياهم الداخلية؟
>> نحن وطنيون, وأكثر الناس حبا لوطنهم هم المسيحيون.. فنحن مصريون
نخضع للحاكم المصري ولا يهمنا الغرب من قريب أو بعيد.. أما أقباط المهجر
فيتحركون دائما من منابع الخوف والرهبة علي ذويهم في مصر.
> هل تري أن المجلس العسكري قام بدوره الوطني علي أكمل وجه؟
>> لا أعرف فكر العسكريين.. ولم أفهم ما يريدون, ولا أعرف ما يحمله
رجال المجلس العسكري لنا, قراءتي له غامضة, لكن علينا أن نتوسم فيه الخير
حتي يثبت العكس.. وما غدا ببعيد.
>> وما رأي الكنيسة في الاعتصامات والاضرابات الفئوية؟
>> إن في الأمر خطورة شديدة ومستقبلا غامضا علي أبنائنا في مصر..
> هل تؤيد بقاء الحكم العسكري في مصر لإدارة شئون البلاد؟
>> دور العسكر معروف في حماية البلاد من الأخطار الخارجية, فعليه أن
يعود الي ثكناته ويسلم الحكم الي رئيس منتخب ومجالس نيابية أتت وفق ارادة
شعبية مختارة,
> هل وقع الاختيار علي المرشح الذي سيلبي مطالب الأقباط في مصر؟
>> لم نحدده بعد.. سندرس الأمر جيدا.. وقطعا سنتوحد علي اسم رئيس الدولة القادم.
> وماذا عن مواصفات رئيس الدولة القادم والمحقق لآمالكم؟
>> نحتاج الي رئيس دولة حمش يضرب بيد من حديد للخارجين عن القانون
ويعيد الأمن إلي ربوع مصر.. ويهزم االنفلات الأخلاقي المنتشر في شوارع مصر و
يمنح حقوق الأقباط المغفلة.. وأن يحث علي العمل علي المواطنة.
الاهرام