--------------------------------------------------------------------------------
عيد الميلاد
دكتور "اندرو فيليبس "صديق قديم لاسرتنا00وقد ظل يعمل كطبيب مقيم للمنطقة التى نعيش بها اكثر من اربعين عاما 00وكان دكتور اندرو متحدث لبق 00شيق الحديث00لا يمل الانسان من سماع قصص مرضاه 00وتجاربه العديدة فى الحياة 00ورغم اكثر ما قصه علينا من نوادر وطرائف 00فأنى لم ازل اذكر قصة معينة بالذات لا تبرح مخيلتى ابدا00ولقد توفى دكتور اندرو فى العام الماضى عن خمسة وثمانين عاما 00وعندما حدثت له تلك القصة كان لا يزال طالبا بكلية الطب ولهذا فانه بحساب الزمن تكون احداث القصة وقعت منذ اكثر من ستين عاما000
ها انذا اعيد سردها عليكم كما سمعته منه00قال دكتور اندرو00
تقطن اسرتى بمنزل متسع مبنى على الطراز الفيكتورى 00ويقيم بالمنزل عادة مجموعة كبيرة من افراد الاسرة والاصدقاء00فهناك ابى –الذى يعمل مترجما-وامى واخواتى الثلاثة 00بيلا و فيليستى 00ثم ادوارد اصغرنا وهو يتلقى علومه فى مدرسة قريبة بمدينة بلونديل 00وهناك ايضا خالتى اميلى وخالتى جرترود 00وابن عمى 00يتردون على بيتنا بصفة مستمرة ليلا ونهارا00
اما انا 00فقد كنت فى هذا الوقت ادرس بكلية الطب 00واقيم فى لندن00وكانت عادتى دائما 0ان احضر قبل اجازة عيد الميلاد لاقضى اياما مع الاسرة 00
وفى هذا العام الذى حدثت فيه تلك القصة 00وصلت الى منزلنا عصر الثامن والعشرين من شهر ديسمبر 00كان الجميع بانتظارى فيما عدا ابى00
وادهشنى ذلك كثيرا 00فقد تعودت دائما على رؤيته باستقبالى 00كما انى اعرف انه قليل المشاغل وليس هناك ما يدعوه الى مغادرة المنزل وخصوصا فى فترة الاعياد 00ولكن امى ابلغتنى عند سؤالى عنه انه ذهب فى عمل طاريء الى مدينة اكستر وانه سيعود مساء نفس اليوم 00وفعلا00فى نحو التاسعة مساء سمعت صوت عجلات عربتنا تتوقف عند الباب فجريت لاستقبال ابى 00ولكنه لم يكن بمفرده فقد كان معه رجل اخر طاعن فى السن 00طويل القامة نحيفها 00وادهشنى الامر لان احدا من الاسرة لم يكن يتوقع حضور ضيف جديد 00
سلمت على ابى محييا 00ثم سلمت على ضيفه الذى قدمه لى ابى باسم مستر فنتون00وتوجه ابى وضيفه مباشرة الى داخل المنزل بينما اخذت العربة الى الحظيرة 00وعند عودتى 00قابلتنى امى وقد بدا الضيق عليها وفقدت الكثير من سماحة نفسها وبادرتنى قائلة0000
بحق السماء يا اندرو اباك العزبز اكثر الناس تسرعا 00لقد قابل مستر فنتون فى اكستر ويبدو انه على صلة به من سنوات طويلة مضت وعندما عرف منه انه سيقضى العيد وحده دعاه الى منزلنا 00ان كرم اباك الزائد يثير حنقى 00لقد قال لى مبررا دعوة صديقه انه لا يستطيع ان يترك انسانا يحتفل بالعيد بمفرده فى حانة او فندق 000اه000لكم كنت اود ان نقضى العيد وحدنا 00اقصد انا ومن حولى اسرتى فقط ولكن ما العمل00فمهما كان مستر فنتون مهذبا ولطيفا 00فهو غريب بيننا وبالمناسبة فان ادوارد سيترك حجرته للضيف وينام مع خاله جايلز 000ثم تركتنى امى وانشغلت بشئون المنزل 00وقد اتيحت لى اول فرصة لرؤية ضيفنا عن كثب 00عندما ذهب ابى الى حجرة المعيشة وقابلته هناك 00كان مستر فنتون طويل القامة كما قلت وكان متقدما فى السن 00اكبر بكثير مما توقعت00فقد كان فى حوالى الخامسة والسبعين وان كان يبدو صلب العود منتصب القامة 00كان وجهه برونزيا 00لوحته الشمس وتقاطيعه صارمة00وله عينان نفازتان 00وفك يدل على الصلابة والعنف 00كان من نوع الرجال الذين تعودوا على الاوامر00
واقتنعت بوجهة نظر امى 00لا شك ان مستر فنتون غريب بين الاسرة 00وحيانى الرجل بأدب جم وبدا مهتما بجميل ابى الذى اشفق علي وحدته فدعاه لقضاء اعياد الميلاد مع اسرتنا 00ثم اخذ يعتذر اذا كان وجوده سيغير من اى ترتيب اعددناه لعيد الميلاد00واكد انه سيحاول ان يجعلنا لانكاد نحس بوجوده بيننا 00
واثبتت الايام التالية تأكيد مستر فنتون 00فقد كان دائم الاعتكاف وحده بحجرة المكتبة يدخن سيجارا وهو يطالع احد الكتب00او كان يقوم بالتجول بمفرده فى المناطق المحيطة بالمنزل 00اما خلال الوجبات 00فقد كان يشترك معنا فى الحديث بأدب وبهدوء00حتى استطاع ان يكتسب محبتنا جميعا وفى احدى تلك الوجبات –وكانت عشاء ليلة الميلاد –خيل الى من لهجة مستر فنتون انه قد سافر كثيرا وجاب افاقا بعيدة 00ولهذا انتهزت فرصة ذكر اسم نيوزيلندة فى معرض الحديث لاسأل مستر فنتون عما اذا كان قد زار هذه البلدة من قبل 00
واجاب مستر فنتون بكلمة واحدة "نعم" كلمة واحدة ولكنها قيلت بطريقة حازمة حاسمة ثم غير مجرى الحديث فورا 00ولاحظت وقتها ان وجه فنتون قد اربد 00وتطلعت عبر المائدة الى ابى ولمحت نظرة تحذيرية فى عينيه 00
وبعد العشاء00نادانى الى حجرته ثم قال لى محذرا 00
- لا انصحك بأن تثير موضوع نيوزيلندة مرة اخرى 00لقد سألته ذات يوم نفس السؤال وكان رد الفعل لديه عنيفا 00انا اعلم انه قضى بغض سنين شبابه فى الخدمة العسكرية بالمستعمرات 00واذكر جيدا اننى سمعت عن بعض المخازى والفضائح التى ترتكب فى نيوزيلندة 00وعندما احيل الى المعاش كانت الاشاعات لا تزال تحيط به وبالسلطات هناك 00ولكنها اشاعات لم اتأكد من صحتها 00وكان ذلك من زمن بعيد لا يقل عن خمسة وثلاثين عاما فقد احيل فنتون الى المعاش فى شبابه 00لهذا ارجو الا تسأله عن هذا الموضوع مرة اخرى 00
-ومتى عرفته فبل ذلك 00اقصد قبل ان يخدم فى المعسكرات ؟؟
-انى اعرفه منذ ان كان صبيا 00كان ابو يمتلك بعض الاراضى فى هذه المنطقة ولكنه قام ببعض المضاربات الخاسرة ومات فقيرا نسبيا 00وهذا على ما اعتقد السبب الذى حذا بابنه للخدمة فى المستعمرات وهو لم يتغير الاقليلا 00فبرعم مرور السنين 00عرفته بمجرد ان وقعت عيناى عليه00
مر يوم عيد الميلاد فى يسر وسرور000000000000000
ففى الصباح توجها جميعا الى الكنيسة 00ثم تناولنا غذاء خفيفا 00عاد بعدها الكبار الى المنزل 00بينما خرج الصغار للتريض بالحدائق والحقول00ولم تبدأاحداث اليوم المثير الا متأخرا 00بعد ان تناولنا الشاى 00توجهنا جميعا الى حجرة المعيشة 00وهناك حيث اقمنا شجرة عيد الميلاد تتلالا وسط الحجرة 00وقد تم تزيينها باللعب والهدايا 00ووقف حولها الخدم تحت اشراف الساقى واتكنز00وبدأنا نفض اللفافات ونتسلم هدايانا 00ووجدت ان مستر فنتون قد هدانى جنيها ذهبيا ملفوف فى شريط جميل00كما تسلم كل من اخى واختاى نصف جنيه ذهبى من نفس المصدر00بدا جليا ان مستر فنتون ينوى ان يشترك جديا فى روح الجماعة00وبدا ودود ا خلال العشاء الذى تناولناه فى السادسة00
وبعد العشاء ارسلنا اختى الصغيرةفيلستى الى حجرة نومها وهى تحتج باكية00ثم انتقلنا جميعا الى حجرة المعيشة 00حيث اخذنا نمارس بعض الالعاب المنزلية المسلية00واخذت الساعات تمر علينا هنية مرحة00وفى الحادية عشر والنصف شرعنا نلعب لعبة اسمها عيد الميلاد00وهى لعبة الاسرة المفضلة 00ولعبة عيد الميلاد بسيطة للغاية00فأولا نعمد الى اطفاء انوار الحجرة 00ثم توضع ستارة امام المدفأة لتحجب الضوء ويبدأ ابى 00000وسط ضحكات المرح 00يقص علينا قصة مخيفة تثير زعر النساء 00وتعليقات الرجال الساخرة 00وكان دورى فى اللعبة مساعدة ابى 00فبينما هو يقص احداث القصة كان على ان ادور فى الحضور فى الظلام وانا احمل بيدى بعض الاشياء التى تمثل احداث الرواية 00وربما كان لهذه اللعبة تأثير سىء على الصغار كما يؤكد الاطباء النفسيون هذه الايام 00ولكن فى ايامنا تلك 00كانت الحياة تسير دون تعقيدات ورغم مضى تلك السنين الطويلة فلم اذل اذكر القصص التى كان ابى يرويها فى تلك الليلة 00
كانت القصة تروى ان شخصا كان يسافر بمفرده متجولا فى امريكا الشمالية00عندما وصل الى غابة مظلمة كثيفة الاشجار واخذه الليل على غرة قبل ان يصل الى هدفه 00وفجأة احس ان هناك خطوات اقدام تتبعه 00ثم اطبق عليه الهنود الحمر 00وهاجموه وقتلوه 000وتمضى القصة لتروى تفاصيل قتله 00فأولا فصلت فروة رأسه 00والى هذا الحد من القصة كان على ان اضع فى الظلام مقطع فراء فى يد خالتى 00مما سبب لها زعر شديدا و سبب لتا ضحكا كثيرا 00اخذابى يصف كيف قطع المتوحشون لسان الضحية 00وهنا اخذت امرر فى الظلام 00من يد الى يد قطعة جلد حرصت على دهنها بالجليسرين حتى تعطى ايحاء اللسان 0000وهكذا تمضى اللعبة 00ابى يصف تشريح جثة القتيل وانا اضع فى الظلام اشياء مختلفة فى يد من يقع عليه الدور ليمررها الى من بجواره 00ووصل ابى فى قصته الى عينى الجثة 00فأخذ يصف كيف قام الهنود الحمر بانتزاعها من محجريها وهنا كان على ان اضع فى يد جارى حبتان من العنب الموسكاتى الكبير الحجم 00كان جارى هو مستر فنتون وكان يبدو غير راضى عن استلام العنب ولكنى اهتديت الى يده اليسرى فى الظلام فدفعت فيهما بحبتى العنب 00ولشدة دهشتى00فقد اطلق مستر فين صيحة غضب واشمئزاز ثم هب واقفا وازاح الستار القائم امام المدفأة 00والقى العنب فى النار 00ثم تراجع الى الخلف بظهره وارتمى على مقعده مبهور000الانفاس000
خيم على الحجرة صمت محرج00قطعه صوت ابى متسائلا00
فنتون 00هل انت بخير00؟؟00ولم نسمع ردا على سؤال ابى 00الذى اخذ يعالج احد المصابيح حتى اضاء الحجرة00وعندما عاد الضوء رأينا مستر فنتون متكوما فى مقعده 00شاحب الوجه 00ورأسه يميل بزاوية حادة على جانب كتفه00واحدثت رؤية مستر فنتون فى هذا الوضع حرجا شديدا بيننا 00فقد انفجرت اختى باكية 00بينما اخذت خالتى تطلق الصرخات الهستيرية حتى اخرجتها امى من الحجرة 00وقام ابى بارسال اخى ادوار ليحضر الطبيب بينما قام ابن عمى جايلز بسكب بعض قطرات البراندى فى فم مستر فنتون المغشى عليه 00ووسط هذا الهرج الشديد00لم يكن احد منتبه لنار المدفأة غيرى 00كنت انظر اليها مندهشا من رد الفعل العنيف الذى ابداه مستر فنتون عندما وضعت العنب فى يده 00وكيف انه القى بالعنب فى النار مشمئزا 00وانحنيت على ركبتى ادقق النظر فى المدفأة بحثا عن حبتى العنب 00واحسب ان احدا لن يصدقنى اذا اخبرته بما رأيت ولكن اقسم بالله 00انى شاهدت بدل من حبتى العنب00 عينان 00 عينان ادميتان تبرقان وسط النار 00وانا اعلم جيدا انى غير مخطىء ولم يخدعنى بصرى 00كما انى متأكد تماما انهما عينان بشريتان فلكم شاهدت العيون البشرية فى دروس التشريح التى اتلقاها بالكلية 00صدقنى هذه الحقيقة الرهيبة 00واحسست بفزع يكاد يشل اطرافى وتأكدت انى امام ظاهرة غير معقولة تتحدى كل نواميس الطبيعة وتفوق اى خيال 00ولم يستطع عقلى الذى تعود على تحليل الماديات تحليلا علميا ان يجد تعليلا لما رأه 00ومن ثمة 00قررت الا احدث احدا بما رأيت
ثم عمدت الى القضيب الذى نقلب به نار المدفأة 00وعملت على دفن هذه العيون الرهيبة وسط كتل الخشب المشتعلة حتى اختفت عن الانظار 00لم يستغرق ذلك منى سوى بضع دقائق فقط ثم قمت لمساعدة ابى فى انعاش مستر فنتون 00ووجدت انه مصاب بصدمة عنيفة 00وان علاجه يحتاج الى خبرة اكثر مما لدى من معلومات ولذا احسست براحة نفسية عميقة عند وصول الخال جايلز مع الطبيب 00
قام الطبيب بالكشف المبدئى على مستر فنتون 00ثم بناءا على تعليماته حملنا ضيفنا المغشى عليه الى حجرة نومه وخلعنا عنه ملابسه ثم تركناه لعناية الطبيب
اوغل الليل 00وذهب جميع اهل المنزل الى مضاجعهم 00بينما جلست وحدى بحجرتى00احاول عبثا ان اجمع اشتات فكرى 00الصمت يطبق على المكان وانا احاول ان اجد تعليلا مقبولا للتجربة الرهيبة التى مررت بها 00عيون ادمية تتلظى فى نار المدفأة 00؟؟00هذا غير ممكن 00ربما خدعنى بصرى 00ربما كانت اوهامى هى التى جعلتنى اتصور ما رأيت 00ربما00ولكن لا00انى متأكد تماما 00مما رأيت 00ولا ازال اذكر كافة التفاصيل الدقيقة لما رأيته 00حلقة العين بلونها البنى الضارب الى السواد 00والجفن والبياض المشرب بالحمرة المحيط بالحدقة 00كل هذا رأيته ولا يمكن القول بان ذلك اضغاث احلام 00ويا للعجب 00لكم انتهت اجازة عيد الميلاد بمأساة غريبة 00
واخرجنى من تفكيرى صوت يأتى من الدور الاسفل 00اصغت السمع 00كانت اصوات نباح خافتة00وخربشة مخالب فى الباب 00وتذكرت دانى الكلب 00لقد نسينا فى زحمة الاضطراب ان نخرجه مساءا الى الحديقة لقضاء حاجته 00
نزلت الى الطابق الاسفل 00وفتحت باب حجرة الجلوس الذى يقضى الى الشرفة فاندفع الكلب منطلقا للحديقة 00ثم جلست فى انتظار عودته طبعا اضئت المصباح 00فان فكرة انتظارى فى هذه الحجرة فى الظلام 00لم ترق لى اطلاقا 00تطلعت بحركة لا ارادية نحو المدفأة 00كانت نارها قد خمدت 00وبقيت جمراتها تتلالا قبل ان تخمد 00ومهما كان الشيء الذى القيته بها 00فقد احترق وذاب الان 00
ومرت الدقائق ولم يعود الكلب 00فأحسست بالقلق وقمت الى باب الشرفة اصفر له واناديه 00ولكن دانى لم يرد 00رغم انه بطبعه كلب هادىء مطيع 00
وفجأة0000000
سمعت نباحه00بدأ اولا نباحا هادئا 00ثم اخذ يرتفع ويرتفع 00حتى اصبح عواءا مرعبا 00واحسست بقشعريرة باردة تسرى فى جسدى وارتجفت من قمة رأسى الى اخمص قدمى00فعدت وناديت عليه بحدة 00ولكن00دون فائدة00واحسست بقلقى يتضاعف 00وخرجت ابحث عنه 00واخيرا وجدته منكمشا على نفسه بين الاشجار وهو لا يزال ينبح ويعوى بهذا الصوت الرهيب 00ناديته 00فلم يلتفت ناحيتى اطلاقا 00فاضطررت الى الذهاب اليه وحمله بين يدى للمنزل 00وفوجئت بالكلب المسكين يرتعد بشدة وعنف 00ثم دفن رأسه مزعورا فى صدرى 00بينما جسمه لا يكف عن الاهتزاز والتشنج 00واستدرت صوب البيت 00وما ان خطوت بضعة خطوات 00حتى تسمرت فى مكانى 00مشلول الحركة00كان نور حجرة المعيشة مضاءا كما تركته 00ويلقى الضوء على الشرفة 00وفى اشعة هذا الضوء 00رأيت خيالا يتحرك 00وتقدم هذا الخيال بخطى متعثرة نحو الباب المفتوح 00ورأيت خياله واضحا 00وازدادت دهشتى 00وتضاعف رعبى 00كان الخيال لرجل اسود 00برونزى الجسد 00مفتول الساعدين 00يغطى رأسه شعرا اسود كثيف 00وكان احد جانبر وجهه يبدو لى 00كما كان حافى القدمين 00وكان يمسك عصا طويلة بيده 00يدق بها بلطف فى ارض الحجرة 00فأيقنت انه اعمى00ودخل هذا الشبح الى حجرة المعيشة 00وبعد قليل00غاب عن بصرى فاقتربت من المنزل وتطلعت الى حجرة المعيشة 00وهناك رأيت الشبح العجيب راكعا على ركبتيه بجوار المقعد الذى جلس عليه مستر فنتون خلال السهرة00وكان الشبح يبحث تحت المقعد وحوله 00باصابع اشبه بمخالب الوحوش 00كان يتحسس الارض ثم يطلق زمجرة تنم عن غضبه 00عندما لايجد ما بحث عنه 00ووصل الشبح الى المدفأة ثم وضع يديه خلال الجمرات المتوهجة واخذ يبحث يائسا 00وهو يزمجر00واخيرا00يبدو انه تأكد من استحالة ايجاد ما يبحث عنه 00فهم واقفا 00واختفى عن مستوى رؤيتى مرة اخرى 00
ولا اعلم اى شجاعة واتتنى عندئذا00فقد نسيت خوفى دفعة واحدة واندفعت مسرعا الى الشرفة ومنها الى حجرة المعيشة 00ولكنى لم اجد احدا بالحجرة00كان الشبح قد اختفى تماما فى لمح البصر 00ونظرت الى باب الحجرة الذى يؤدى الى الصالة فوجدته مغلقا 00ولكنه فتح فجأة 00ورأيت ابى يطل على منه فلو ان الشبح خرج من هذا الباب وهو المخرج الوحيد الباقى بالحجرة فلابد ان يكون ابى قد قابله 00
تبادلنا النظر 00ابى وانا 00ثم سألته00
-هل رأيت احدا يخرج من هذا الباب الان00؟؟00
فنظرنا الى بعضنا 00وقال ابى 00اى هراء هذا 00ولماذا لا تذهب الى حجرتك وتنام –اتعرف كم الساعة الان ؟00لقد جاوزت الثانية صباحا 00هيا اطفىء النور واغلق باب الشرفة واذهب لتنام 00
ولم اجب 00ولكنى نظرت ببطء الى المدفأة 00وكان الفحم المنتشر على الارض من حولها خير شاهد على ما رأيته منذ لحظات ولكنى ام اخبر ابى بشىء 00فقد خشيت غضبه وخشيت بالاخص سخريته 00ولا شك ان قصتى ستجلب على رأسى غضبه وسخريته معا 00ولهذا اخذت اغمغم بما يفيد انى ذهبت بالكلب للحديقة 00وانتظر ابى صابرا حتى اغلقت باب الشرفة ثم قال لى 00
-اخشى ان حالة فنتون سيئة للغاية 00ولكن الطبيب يقول انه ربما شفى 00حمدا لله انى احضرت صديقى الى هنا00فما كنت لاتصور انسانا يسقط مريضا فى حجرة بفندق 00وهو غريب ووحيد ليلة عيد الميلاد 00رغم ان حضوره قد افسد احتفالنا بالعيد 00
اطفأت نور الحجرة 00ثم صعدت مع ابى الى الدور العلوى 00وعندما وصلنا اعلى الدرج 00وقبل ان بفترق 00سمعنا اصواتا غريبة تأتى من حجرة المريض فوقفنا فى اماكننا ننصت 00كان فنتون قد افاق من غيبوبته 00وكان ينادى الطبيب الموجود بالحجرة 00واستطعنا ان نتبين عباراته 00كان يقول صائحا بهستيرية حادة00ابعده 00ابعده عنى 00لا تجعله يقترب منى 00
ثم صوت الطبيب وهو يحاول تهدئته 00وكان هناك حوار غريب يدور بينه وبين الطبيب الذى ظل ملازما له 00
-ابعده 00ابعده عنى 00لا تجعله يقترب منى 00
ثم صوت الطبيب وهو يحاول تهدئة المريض 00وبعدها صوت فنتون مرة اخرى 00صارخا متوسلا 00
-الاتراه 00الاتستطيع رؤيته 00انه هناك بجوار النافذة 00
ثم سمعناه يتحدث بلغة غريبة لا نفهمها
ثم علا صوت الطبيب امرا 00
-اهدا يا سيد عد الى فراشك واهدأ00لا يوجد اى شخص سوانا بالحجرة 00ونظرت الى ابى متسائلا عنا يجب ان افعله فهز ابى رأسه وقال 00
-لا اظن ان دخولى الحجرة يفيد فنتون 00دعه للطبيب يتولى امره ولكن قطع حديثه سلسلة من التصرفات المرعبة 00وسمعنا اصوات عراك بالحجرة 00وصوت جسديجذب من السرير0كأن شخصا يلقى بالمريض ارضا 00واستمرت الصيحات واستمر العراك دقائق معدودة 00ثم ساد صمت عميق 00وفتح باب الحجرة وبدا الطبيب شاحبا 00ثم قال00
-لقد انتهى الامر 00وحاول ابى ان يدخل الحجرة ولكن الطبيب نصحه قائلا00
-لا داعى لذلك يا سيدى 00ان المسكين قد اصيب بنوبة اشبه بالجنون 00لم يكن موته هينا ومنظره الان يدعو الى الاسى 00فدع كل شىء لى 00لقد ظل مستر فنتون المسكين يصرخ زاعما ان هناك من يريد قتله 00وعبثا كنت احاول تهدئته 00ثو رايت جسده تشنج ورأيته يزحف عن السرير كما لو كان شخصا يسحبه ثم فاضت روحه 00وهكذا تركنا الطبيب ليعتنى بجثة فنتون وذهب كل منا الى حجرته 00واكتشفت ان دانى لايزال معى 00فأحسست براحة كبيرة لوجود ما يؤنس وحشتى فى هذه الليلة المرعبة0000
"تخرجت من كلية الطب بعد تلك الاحداث بعشرة سنوات 00وذات ليلة 00
قابلت صدفة احد معارف فنتون القدماء 00وقص على هذاالصديق 0قصص الفضائح والمخازى التى ارتبطت بخدمة فنتون فى المستعمرات 00وذكرلى انه كان مشهورا بالشراسة والجبروت خلال خدمته فى نيوزيلندة ثم قص على قصة الحادث الذى اطاح به00
فقد قام فنتون بالقبض على احد لاهالى وقام باستجوابه لانتزاع اعتراف منه ولما فشات كل وسائل الاقناع 00عمد الى فقأعين الرجل بسيخ من الحديد المحمى 00وفقد الرجل بصره طبعا 00وبعد ذلك بأيام مات متأثرا بجراحه 00
ولم تستطع السلطات ان تتجاهل الاشاعات التى تحيط باسم موظفها فتم نقله ثم احالته للاستيداع 00ودون تحقيق 00او محاكمة 00ولكن 00لقد جاءت العدالة اخيرا 00وجاء الاعمى ليبحث عن عينيه 00ففى اليوم المحدد لموت فنتون 00انبعث شبح ضحيته لينتقم منه اشد انتقام 0
تمت