" احارب لتصفية الفيفا من الفساد ... احارب لتنظيف الفيفا من الفساد"، كانت هذه الجملة هي رد السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" علي سؤال تم توجيهه له الثلاثاء حول منافسته امام القطري محمد بن همام علي رئاسة المنظومة الاكبر لكرة القدم في العالم.
واجابة بلاتر تحمل الكثير من المعاني والدلائل، فرجل الفيفا الاول الذي كان سعيدا للغاية ويبتسم للكاميرات وقت اعلانه عن فوز قطر بشرف تنظيم نسخة مونديال 2022 وظل يحارب بعدها لعدة اشهر لإقناع العالم اجمع بحسن اختيار اللجنة المنظمة للدولة الاسيوية لتنظيم التظاهرة الاكبر لكرة القدم علي وجه الارض، انقلب قلبا وقالبا بعد ذلك علي قطر وكل من يحابي لها لسبب بسيط للغاية الا هو "نقض" القطريين لوعدهم له بعدم ترشح بن همام لانتخابات الفيفا القادمة في يونيو.
فعقب اعلان بن همام ترشحه رسميا لانتخابات رئاسة الفيفا وتأكيد المنظومة السياسية القطرية دعمها لابنها في هذه الخطوة، بدأ بلاتر فعليا في تنفيذ خطته للإطاحة بكل من يقف في طريق توليه كرسي الفيفا الاول لفترة رئاسية رابعة سواء كان بن همام او حلفائه او قطر نفسها.
البداية مع استراليا
وكانت البداية بالتواصل مع الاتحاد الاسترالي قبل اشهر قليلة من اعلان بن همام ترشحه رسميا للانتخابات وهو الملف الذي شرحه بشكل واف الصحفي الاسترالي جيوف ليمون واكد خلاله ان بلاتر علي اتصال "بلوبي" استرالي مكون من فرانك لوي رئيس الاتحاد الاسترالي لكرة القدم والزعيم الاسترالي المعارض السابق مالكولم تورنبول والمذيع الاسترالي الشهير ايدي ماكجواير من اجل احتمالية نقل مونديال 2022 من قطر الي استراليا اذا ما تأكدت بعض الشكوك لديه.
وبالطبع كانت هذه الشكوك هي " هل سيتقدم بن همام للانتخابات ام لا؟"، وفور اعلان رئيس الاتحاد الاسيوي ترشحه رسميا للانتخابات بدأ بلاتر تحركاته بشكل اسرع من البرق حيث ارسل رسالة الي رئيس الاتحاد الاسترالي مفاداها " تم الانتهاء من التحقيقات، وبالإمكان الان نقل تنظيم كأس العالم الي استراليا حال تم تقديم ضمانات مالية ولوجستية بذلك."
تحركات بلاتر لم تقف عند الحد الاسترالي، حيث انتقل لتهديد قطر بشكل واضح للغاية بفضح امرها في رشوة بعض من مسؤولي اللجنة التنفيذية وسحب تنظيم مونديال 2022 منها ولكن المسؤولين القطريين قابلوا هذه التهديدات ببرود وواصلوا دعمهم لبن همام من اجل نيل مقعد اهم رجل في عالم كرة القدم علي الكوكب.
وقد يتساءل القارئ هل يمكن لبلاتر ان يكون علي علم بوجود رشاوي في اللجنة التنفيذية من الاساس؟ والاجابة ببساطة نعم، فبدون شك بلاتر لن يحصل علي رشاوى فمركزه لا يمكن ان يسمح بذلك، ولكن الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله هو غض البصر عن ما يحدث خلف الستائر وهو ما فعله السويسري بدون شك سواء مع الملف القطري لعام 2022 او الملف الروسي لعام 2018.
انجلترا تنضم لجبهة بلاتر
وتزايدت هجمات بلاتر الشرسة مع اقتراب موعد الانتخابات والمحدد له 1 يونيو، وكانت المفاجأة غير المتوقعة هي تلك الزيارة التي قام بها بلاتر الشهر الماضي لإنجلترا علي الرغم من الهجوم الشرس الذي تعرض له الرجل السويسري منذ ديسمبر الماضي الامر الذي منعه من زيارتها لأكثر من 5 شهور.
زيارة بلاتر لإنجلترا كان لها اكثر من مدلول، فعلي الرغم من الهدف الظاهري وهو جمع بلاتر لأصوات مؤيديه في الانتخابات، بدأ واضحا الان بشكل فعلي ان انجلترا اصبحت "العصا" التي سيضرب بها بلاتر كل منافسيه مرة واحدة.
والامر بسيط للغاية، فبعد هذه الزيارة بدأت وسائل الاعلام الانجليزية بدون استثناء في الكشف عن ملفات فساد داخل الفيفا لا حصر لها ولم يكن هذا الكشف عن طريق الكلمات الفضفاضة فقط، بل كان مستندا علي وثائق ومستندات رسمية حصل عليها عددا من الصحفيين الانجليزيين المرموقين.
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف حصل الانجليز علي هذه المستندات اهمية عرضها للرأي العام الان؟ والاجابة ستكون عند توقيت عرضها فبعد قدوم شهر مايو ازداد حملة بلاتر بشدة ووضح ذلك من خلال إجاباته علي اي اسئلة تطرح عليه بخصوص بن همام او قطر، ويكفي ان ترجع بنظرك الي فوق قليلا لتقرأ مرة ثانية الاجابة التي بدأ بها التقرير.
بل اضيف عليها اجابة ثانية كان صاحبها بلاتر ايضا عندما تم سؤاله عن الاتهامات التي يتم توجيهها حاليا لعدد من مسؤولي اللجنة التنفيذية في الفيفا بتلقيهم رشاوى لدعم الملف القطري حيث قال " لا استطيع القول انهم ملائكة، كما اني لا استطيع القول انهم شياطين. اذا حصلنا علي مستندات رسمية تؤكد هذه المزاعم، فثقوا اننا سنتخذ كل الاجراءات اللازمة ضد كل من سار بشكل غير اخلاقي ضد المنظومة."
انهاء الحسابات القديمة مع حياتو:
وضربة بلاتر لن تصيب بن همام وقطر فقط، فالإمبراطور السويسري لديه "ثأرا" قديما مع الكاميروني عيسي حياتو الذي اقترف نفس فعلة بن همام عندما وعده في انتخابات 2007 بعدم ترشحه امامه ثم عاد لينقض هذا الوعد فيما بعد.
وبما ان حياتو سيكون بالطبع وبشكل منطقي مساندا لبن همام في الانتخابات القادمة، كان لزاما علي بلاتر ان يطيح به هو الاخر من الحياة الكروية الان، وكان يوم الثلاثاء بداية ذلك عندما اعلنت جريدة " ذا صنداي تايمز" الانجليزية ضلوع حياتو مع الايفواري جاكو انوما رئيس اتحاد الكرة في بلده وعضو اللجنة التنفيذية في الفيفا في فضيحة رشوة اخرى مع الملف القطري.
بدون شك، ستحمل الايام القادمة المزيد والمزيد من الصراع بين بلاتر وبن همام، فالأول يأبي ان ينتزع منه اي احد كرسي الفيفا الذي اكد انه سيتركه برغبته الشخصية بعد الفترة الرئاسية القادمة، والثاني تدعمه دولته التي تريد بأي شكل من الاشكال ان تصبح قوة عظمى في منطقة الشرق الاوسط وهي تعلم جيدا ان وجود شخص ذو جنسية قطرية في مقعد الرجل الاول بالفيفا سيكون احد خطوات مطمعها الكبير.
يلا كورة