السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
عن أنسٍ قال: كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وسَلَّم يُكثرُ أنْ يقول: يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قَلبي على دينِكَ فقلتُ يا نبيَّ اللهِ آمنَّا بكَ وبما جئتَ بهِ فهلْ تخافُ علينا؟ قال: نعمْ إنَّ القُلوبَ بينَ أصبُعينِ من أصابعِ اللهِ يُقلِّبها كيفَ شاءَ) . رواه الترمذي.
اعلم: أن القلوب في الثبات على الخير والشر والتردد بينهما ثلاثة:
القلب الأول: قلب عمر بالتقوى، وزكى بالرياضة، وطهر عن خبائث الأخلاق، فتتفرج فيه خواطر الخير من خزائن الغيب، فيمده الملك بالهدى.
القلب الثانى: قلب مخذول، مشحون بالهوى، مندس بالخبائث، ملوث بالأخلاق الذميمة، فيقوى فيه سلطان الشيطان لاتساع مكانه، ويضعف سلطان الإيمان، ويمتلئ القلب بدخان الهوى، فيعدم النور، ويصير كالعين الممتلئة بالدخان، لا يمكنها النظر، ولا يؤثر عنده زجر ولا وعظ.
والقلب الثالث: قلب يبتدئ فيه خاطر الهوى، فيدعوه إلى الشر، فيلحقه خاطر الإيمان فيدعوه إلى الخير.
مثاله: أن يحمل الشيطان حملة على العقل، ويقوى داعي الهوى
ويقول: أما ترى فلاناً وفلاناً كيف يطلقون أنفسهم في هواها، فتميل النفس إلى الشيطان، فيحمل الملك حملة على الشيطان،
ويقول: هل هلك إلا من نسي العاقبة، فلا تغتر بغفلة الناس عن أنفسهم،
أرأيت لو وقفوا في الصيف في الشمس ولك بيت بارد، أكنت توافقهم أم تطلب المصلحة؟
أفتخالفهم في حر الشمس، ولا تخالفهم فيما يؤول إلى النار؟
فتميل النفس إلى قول الملك، ويقع التردد بين الجندين، إلى أن يغلب على القلب ما هو أولى به، فمن خلق للخير يسر له، ومن خلق للشر يسر له. فاللهَ نسأل أن يثبت قلوبنا على دينه، ويصرف أعمالنا إلى طاعته.