أنواع غض البصر :
1- غض البصر عن ما حرم الله تعالى :
-
و هو المعنى الدارج و المعروف لغض البصر و هو عدم النظر إلى الجنس الآخر
و هو أمر إلاهي للجنسين للرجل و للمرأة على حد سواء
قال تعالى : {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } النور30
كما قال جل في علاه :
-
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ
مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ
أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ
يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ
لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } النور31
-
فتلك النظرات من شأنها أن تثير بعض الشهوات بحكم الغريزة الفطرية لدى البشر ......
و التي يجب الإمتناع عنها حرصا على عفة المجتمع و طهر العلاقات فيه و حرصا
على الإبتعاد عن كل الطرق التي تؤدي إلى جريمة الزنا و العياذ بالله
..................
فقد قال تعالى :
-
{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } الإسراء32
-
و لم يقل لا تزنوا بل حرم حتى الطرق التي قد تؤدي إلى الزنا و من أهمها طبعا إطلاق البصر
و قد وضع الله تعالى للنساء أوامر إضافية غير غض البصر و حفظ الفرج و هي عدم إظهار الزينة بكافة أشكالها و وسائلها
و لن أقف مع هذه التفاصيل كونها تحتاج بحثا موسعا و طويلا .........................
2- المعنى الثاني لغض البصر و الذي غفل عنه الكثيرون هو غض البصر عن رزق الناس و أملاكهم
-
فقد قال تعالى :
-
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ
أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ
وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى } طه131
-
و الحكمة من هذا النوع المهم من غض البصر تتلخص في أمرين اثنين
الأول و هو الأهم أن لا تنظر إلى أملاك و متاع الدنيا نظرة إعجاب و طمع و جشع بل عليك أن تعرف أن هذه الدنيا كلها
لا تساوي عند الله جناح بعوضة
فلا تخدعنك زينة الدنيا و لا تنظر إلى متاعها فكله زائل و كله بهرج و خداع و رزق الله تعالى و رحمته
هي الأهم و الآخرة خير و أبقى
و قد أمرنا نبينا الكريم صلوات الله و سلامه عليه أن لا ننظر إلى من هو
أفضل منا في الدنيا بل في الدين كي نقتدي به و نشعر بمدى تقصيرنا
و عندما نلتزم بهذا الخلق النبيل فلن يكون في بالنا طمع و لا جشع و لا حقد و لا ضغينة فنستقيم
و تصلح أعمالنا و حياتنا
صدقوني كل مصائبنا نحن البشر ناجمة عن اهتمام البشر بأملاك و أرزاق بعضهم البعض و كل الحروب التي عرفتها البشرية
حدثت بسبب الجشع و النظر و الطمع فى ما عند الآخرين
مع أن الله تعالى رزق الجميع و قال جل في علاه :
-
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ
رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ
مُّبِينٍ } هود6
-
و لو أننا رضينا بما قسمه الله لنا و لم نطمع بأملاك غيرنا لكنا بخير و سلام و عافية
الوجه الثاني من أهمية هذا النوع من غض البصر هو حماية المجتمع من التحاسد و الحقد و الضغينة
فنظرك إلى أملاك الناس قد يصيبهم بالعين و قد تحسدهم و تتمنى زوال ملكهم و قد يحقد الفقير على الغني
فيتمزق المجتمع و ينهار لا سمح الله
فلو أننا نغض بصرنا عن نعم الله تعالى على الناس فسَنُرْزَقْ القناعة و الرضا و سنبتعد
عن كل أنواع الحسد و الحقد و الكراهية
3- و من أنواع و أهداف غض البصر التواضع و البعد عن الكِبْرْ و الغرور
فمن نظر للأعلى كثيرا سيصيبه الغرور و العُجْبْ و الكِبْرْ ويتعرض لعقاب الله الوارد فى قوله سبحانه :-
-
.{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي
الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ
بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن
يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } الأعراف146
-
كانت هذه تأملاتى فى مبدأ غض البصر ، وصدقونى لو وقفنا عند كل معانى هذا الخُلُقْ العظيم ، لعاشت البشرية
كلها فى سعادة و راحة نفسية