عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي، أول الخلفاء الراشدين و يكنى بأبي بكر الصديقوهو أحد أوائل الصحابة الذين أسلموا من أهل قريش ورافقوا النبي محمد بن عبد الله منذ بدء الإسلام ومن أقربهم له وهو صديقه ورفيقه في الهجرة إلى المدينة المنورة التي كانت تسمى يثرب، وأحد العشرة المبشرين بالجنة عند أهل السنة والجماعة. أمه سلمى بنت صخر بن عامر التيمي. ولد سنة 51 ق.هـ (573 م) بعد عام الفيل بحوالي ثلاث سنوات كان سيداً من سادة قريش وغنياً من كبار أغنيائهم, وكان ممن رفضوا عبادة الأصنام في الجاهلية، بل كان حنيفاً على ملّة النبي إبراهيم. وهو والد عائشة زوجة الرسول وسانده بكل ما يملك في دعوته، وأسلم على يده الكثير من الصحابة.
يعرف في التراث السني بأبي بكر الصّدّيق لأنه صدّق محمداً في قصّة الإسراء والمعراج، وقيل لأنه كان يصدّق النبي في كل خبر يأتيه ؛ وقد وردت التسمية في آيات قرآنية وأحاديث نبوية عند أهل السنة والجماعة. وكان يدعى بـ "العتيق" و"الأوّاه" وعن تسميته بأبي بكر قيل لحبه للجمال، وقيل لتبكيره في كل شيء.
بويع بالخلافة يوم الثلاثاء 2 ربيع الأول سنة 11هـ، واستمرت خلافته قرابة سنتين وأربعة أشهر. توفي في يوم الإثنين 22 جمادى الأولى سنة 13 هـ
نسبه ومولده أبوه أبو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ويلتقي في نسبه مع النبي محمد بن عبد الله عند مرة بن كعب، وينسب إلى "تيم قريش"، فيقال: "التيمي".
أمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي بنت أخ أبيه، وتُكنَّى أم الخير. ولدته بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر وقيل إنها كان لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به الكعبة، فقالت : «اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي»؛ ويقال إن هذا سبب تسميته بالعتيق. يروى أن اسمه كان قبل الإسلام عبد الكعبة؛ وحين أسلم سماه النبي عبد الله.. كانت أم الخير من أوائل النساء إسلاماً.
صفاتهكان أبو بكر أبيض البشرة نحيف الجسم خفيف العارضين (صفحتا الوجه) في ظهره انحناء لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه، معروق الوجه (لحم وجهه قليل)، غائر العينين نأتئ الجبهه، عاري الأشاجع (أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف)
حياته قبل الإسلامنشأ أبو بكر في مكة، ولما جاوز عمر الصبا عمل بائعاً للثياب ونجح في تجارته وحقق من الربح الكثير. وكانت تجارته تزداد اتساعاً فكان من أثرياء قريش؛ ومن ساداتها ورؤسائها. تزوج في بداية شبابه قتيلة بنت عبد العزى، ثم تزوج من أم رومان بنت عامر بن عويمر.
كان يعرف برجاحة العقل ورزانة التفكير، وأعرف قريش بالأنساب. وكانت له الديات في قبل الإسلام. وكان ممن حرّموا الخمر على أنفسهم في الجاهلية، وكان حنيفياً على ملّة النبي إبراهيم. كان أبو بكر يعيش في حي حيث يسكن التجّار؛ وكان يعيش فيه النبي، ومن هنا بدأت صداقتهما حيث كانا متقاربين في السنّ والأفكار والكثير من الصّفات والطّباع.
إسلامهتختلف الروایات في سبقته بالإسلام وجاء الطبري في تاریخه بأقوال مختلفه بین أنه أوّل من أسلم من الذکور وبین أنه أسلم قبله أکثر من خمسین ولكن يؤمن المسلمون السنة بروايات تقول أنه أول من أسلم من الذكور البالغين ، روی عن ابن اسحاق انه الوحيد الذي أسلم دون تردد وصدق دعوة محمد على الفور
حياته بعد الاسلام
بعد أن أسلم أبو بكر، ساند النبي محمد بن عبد الله في دعوته للإسلام مستفيداً من مكانته بين أهل قريش وحبّهم له، فأسلم على يديه الكثير ، منهم خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان، والزُّبَير بن العوَّام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيدالله. كذلك جاهد بماله في سبيل الدعوة للإسلام حيث قام بشراء وعتق الكثير ممن أسلم من العبيد المستضعفين منهم: بلال بن رباح، وعامر بن فهيرة، وزِنِّيرة، والنَّهديَّة، وابنتها، وجارية بني مؤمّل، وأم عُبيس. وقد قاسى أبو بكر من تعذيب واضطهاد قريش للمسلمين، فتعرض للضرب والتعذيب حين خطب في القريشيين، وحين دافع عن محمد لما اعتدى عليه الوثنيون، وقاسى العديد من مظاهر الاضطهاد من مواقفه الهامة كذلك أنه صدَّق النبي في حادثة الإسراء والمعراج على الرغم من تكذيب قريش له، وأعلن حينها دعمه الكامل للنبي وأنه سيصدقه في كل ما يقول، لهذا لُقب بالصِّديق . بقي أبو بكر في مكة ولم يهاجر إلى الحبشة حين سمح النبي لبعض أصحابه بهذا، وحين عزم النبي على الهجرة إلى يثرب؛ صحبه أبو بكر في الهجرة النبوية
هجرتههاجر الكثير من المسلمين إلى يثرب، وبقي النبي في مكة وبعض المسلمين منهم أبو بكر الذي ظل منتظراً قراره بالهجرة حتى يهاجر معه، وكان قد أعد العدة للهجرة، فجهز راحلتين لهذا الغرض واستأجر عبد الله بن أريقط من بني الديل بن بكر وكان مشركًا ليدلهما على الطريق، ولم يعلم بخروجهما غير علي وآل أبي بكر. وفي ليلة الهجرة خرج الرسول عليه الصلاة والسلام في الثلث الأخير من الليل وكان أبو بكر في انتظاره ورافقه في هجرته وبات معه في غار ثور ثلاثة أيام حتى هدأت قريش في البحث عنهما فتابعا المسير إلى يثرب، ويروى أن خلال الأيام الثلاثة جاء كفار قريش يبحثون عنهم في غار ثور إلا أن الله أمر عنكبوتا بنسج خيوطه على الغار وأمر حمامة بوضع بيضها أمامه مما جعلهم يشككون في وجودهما داخل الغار ، ووفقاً للروايات قال أبو بكر للنبي :«لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا» فطمأنه قائلاً : «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن إن الله معنا». وقد ذُكر هذا في القرآن وحسب رواية ابن إسحاق فإن أبا بكر أمر ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما بالنهار ويأتي ويخبرهما في الليل، وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه و يأتي بها إلى الغار في المساء فيشربا من حليبها فإذا غادر عبدالله بن أبي بكر الغار في الصباح تبعه بالغنم ليزيل أثاره عن الطريق، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام إذا أمست بما يصلحهما ويعد أهل السنة هجرة أبو بكر مع النبي محمد إحدى مناقبه العظيمة
حياته في المدينةبعدما وصل الرسول وأبي بكر للمدينة، قام النبي بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، آخى بين أبي بكر وعمر بن الخطاب . عاش أبو بكر في المدينة طوال فترة حياة النبي وشهد معه الكثير من المشاهد، تقول الروايات أنه ممن حاولوا اقتحام حصن اليهود في غزوة خيبر، وأنه ممن ثبتوا مع النبي في معركة حنين حين انفض عنه المسلمين خوفاً وتفرقوا، كذلك يقال أنه حامل الراية السوداء في غزوة تبوك حيث كان هناك رايتان إحداهما بيضاء وكانت مع الأنصار والأخرى سوداء وقد اختلفت الروايات على حاملها فقيل علي بن أبي طالب وقيل أبو بكر. تزوج من حبيبة بنت زيد بن خارجة فولدت له أم كلثوم، ثم تزوج من أسماء بنت عميس فولدت له محمدًا.
خلافتهروي عن ابنته عائشه بأن النبی في أثناء مرضه أمره أن يصلي بالمسلمين مما يعتبره السنة إشارة لتولية أبي بكر للخلافة وبعد وفاة النبي بويع أبو بكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة.
وجهز في فترة حكمه حروب الردة؛ ضد أولئك الذين رفضوا دفع الزكاة، وأرسل جيشاً بقيادة أسامة بن زيد كان قد جهزه النبي محمدصلى الله عليه وسلم قبل وفاته لقتال الروم.
عهده بالخلافة إلى عمر بن الخطابقبيل وفاة أبو بكر، شاور طائفة من ذوي النظر والمشورة من الصحابة، فاتفقت كلمتهم على أن يعهد بالخلافة من بعده إلى عمر بن الخطاب وقد ذكر ذلك الطبري وابن الجوزي وابن كثير: «أن أبا بكر خشي على المسلمين أن يختلفوا من بعده ثم لا يجتمعوا على رأي، فدعاهم لما أثقل عليه المرض إلى أن يبحثوا لأنفسهم عن خليفة من بعده. إلا أن المسلمين لم يتفقوا فيما بينهم على من يخلف أبا بكر، فوضعوا الأمر بين يدي أبي بكر، وعندئذ أخذ يستشير أعيان الصحابة، كلاً منهم على انفراد، ولما رأى اتفاقهم على جدارة عمر وفضله، طلع على الناس وأخبرهم أنه قد استخلف عمر عليهم، فقالوا جميعاً: سمعنا وأطعنا.» وبعد أن رأى أبو بكر موافقة الناس جميعاً على استخلافة عمر عليهم، دعا عثمان بن عفان وأملى عليه الكتاب التالي: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد به أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة، في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويوقن فيها الفاجر؛ إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فإن صبر وعدل فذلك علمي به ورأيي فيه، وإن جار وبدّل فلا علم لي بالغيب، والخيرَ أردتُ، ولكل امرئ ما اكتسب، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون»
وفاتهتوفي أبو بكر ليلة الثلاثاء 7 جمادى الآخرة في سنة 13 هـ الموافق 634 م في المدينة المنورة عن عمر يناهز 63 سنة، وكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر وثلاثة أيام، ودفن في بيت عائشة إلى جوار الرسول محمد بن عبد الله. وترك من الأولاد: عبد الله، عبد الرحمن، محمد، عائشة أسماء وأم كلثوم
شهادة علي بن أبي طالب في أبي بكرقد ذكر ابن الجوزي بسنده في كتابه "التبصرة": «لما قبض أبو بكر الصديق وسجى عليه ارتجت المدينة بالبكاء كيوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فجاء علي بن أبي طالب مستعجلاً مسرعاً مسترجعاً فقال: "رحمك الله يا أبا بكر كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنيسه ومستراحه وثقته وموضع سره ومشاورته وكنت أول القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً وأشدهم لله يقيناً وأخوفهم لله وأعظمهم غناء في دين الله عز وجل وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد بهم على الإسلام وأحسنهم صحبة وأكثرهم مناقب وأفضلهم سوابق وأرفعهم درجة وأقربهم وسيلة وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هدياً وسمتاً وأشرفهم منزلة وأرفعهم عنده وأكرمهم عليه فجزاك الله عن رسوله وعن الإسلام أفضل الجزاء... فإنا لله وإنا إليه راجعون رضينا عن الله عز وجل قضاءه وسلمنا له أمره والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثلك أبداً كنت للدين عزا وحرزا وكهفا فألحقك الله عز وجل بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك" فسكت الناس حتى قضى كلامه ثم بكوا حتى علت أصواتهم وقالوا: صدقت يا ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم.»