الرجولة وصف يمس الروح والنفس والخلق أكثر مما يمس البدن والظاهر
في البدن يطيش عقله فيغدو كالهباء، وهو مع ذلك يعيش بهمة الرجال. فالرجولة
مضمون قبل أن تكون مظهرًا، فابحث عن الجوهر ودع عنك المظهر؛ فإن أكثر
الناس تأسرهم المظاهر ويسحرهم بريقها، فمن يُجلّونه ويقدرونه ليس بالضرورة
أهلا للإجلال والتوقير، ومن يحتقرونه ويزدرونه قد يكون من أولياء اهلق
وعباده الصالحين،
وقد ثبت عن سهل بن سعد رضي اهل عنه أنه قال: مر رجل على رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع
أن يشفع، وإن قال أن يسمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال:
(ما تقولون في هذا؟) قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع،
وإن قال أن لا يسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا خير من ملء
الأرض مثل هذا). رواه البخاري، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال:"رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على اهلي لأبره" (رواه مسلم )
مفاهيم خاطئة:
محاولات إثبات الذات: التي غالبا ما يلجأ إليها الشباب المراهق، فيصر على رأيه ويتمسك به بشدة حتى تغدو مخالفة
الآخرين مطلبا بحد ذاته ظنا منه أن هذه هي الرجولة
2 - التصلب في غير موطنه: والتمسك بالرأي وإن كان خاطئا، والتشبث بالمواقف والإصرار عليها وإن كانت على
الباطل ظنا أن الرجولة ألا يعود الرجل في كلامه وألا يتخلى عن مواقفه وألا يتراجع عن قرار اتخذه وإن ظهر خطؤه
أو عدم صحته.
3 - القسوة على الأهل: اعتقادا أن الرفق ليس من صفات الرجولة وأن الرجل ينبغي أن يكون صليب العود شديدًا لا
يراجع في قول ولا يناقش في قرار، فتجد قسوة الزوج على زوجته والوالد على أولاده والرجل على كل من حوله..
مع أن أكمل الناس رجولة كان أحلم الناس وأرفق الناس بالناس مع هيبة وجلال لم يبلغه غيره صلى اله عليه وسلم.
مقومات الرجولة
إن الرجولة نعت كريم لا يستحفه الإنسان حتى يستكمل مقوماته وتصف بمواصفاته، ومن هذه المقومات:
الإرادة وضبط النفس
وهو أول ميدان تتجلى فيه الرجولة أن ينتصر الإنسان على نفسه الأمارة بالسوء، فالرجل الحق هو الذي تدعوه
نفسه للمعصية فيأبى، وتتحرك فيه الشهوة فيكبح جماحها، وتبدو أمامه الفتنة فلا يستجيب لها. فيقود نفسه ولا
تقوده، ويملكها ولا تملكه وهذا أول ميادين الانتصار.
علو الهمة
وهي علامة الرجولة وهي أن يستصغر المرء ما دون النهاية من معالي الأمور، ويعمل على الوصول إلى الكمال
الممكن في العلم والعمل، وقد قالوا قديما: "الهمة نصف المروءة"، وقالوا: "إن الهمة مقدمة الأشياء فمن صلحت له
همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال.
النخوة والعزة والإباء
فالرجال هم أهل الشجاعة والنخوة والإباء، وهم الذين تتسامى نفوسهم عن الذل والهوان. والراضي بالدون دني.
الوفاء: والوفاء من شيم الرجال، التي يمدحون بها، كيف لا وقد كان أهل الشرك يفتخرون به قبل أن يستضيئوا بنور
الإسلام.
*********ه أخيره :
لقد كانت الرجولة إرثا يتوارثه الناس لا تعدو أن تكون بحاجة إلا إلى مجرد التهذيب والتوجيه، أما اليوم فقد أفسدت
المدنية الناس، وقضت على معالم الرجولة في حياتهم، فنشكو إلى الله زمانا صرنا فيه بحاجة إلى التذكير بالشيم
والمكارم وأخلاق الرجال ..