اخوتى
السلام عليكم ورحمة الله
إن الأبراج السكنية العالية وما تسمى بناطحات السحاب والتى انتشرت كثيراً فى المدن الكبيرة تشكل مخاطر كبيرة على شاغليها فى حالة حدوث حريق ، ما لم يتوافر بها اشتراطات السلامة والأمان التى تكفل حماية الارواح وكذلك مقاومة المبنى لحرارة النيران لمدة كافية لاعطاء الفرصة لهروب الاشخاص من المبنى قبل تأثرهم بالحريق وقبل أن تحدث انهيارات للمبنى بفعل حرارة الحريق فى حالة تأخر وسائل الاطفاء والانقاذ اللازمة.
وسنتناول هنا عامل هام من عوامل وقاية الارواح من الحريق وهو وسائل الهروب والمخارج من المبنى فى حالة الحريق. وعلى مصممى المبنى أن يراعوا توافر هذه الوسائل من سلالم ومخارج وبالاتساع المناسب حسب عدد شاغلى المبنى لسرعة الهروب.فالثابت من الاحصائيات أن غالبية الوفيات فى حوادث الحريق تنجم عن الاختناقات من تأثير الدخان والغازات المتولدة الاخرى قبل أن تصل ألسنة اللهب الى الضحية.
والمتأمل لمجموعة من الابراج السكنية العالية يجد أنها تشبه الى حد بعيد المداخن !! وهى بالفعل ستتحول الى مداخن فى حالة الحريق حيث يتجه الدخان باستمرار وبسرعة الى الطوابق العليا مهدداً شاغليها بخطر الاختناقات رغم أن الحريق بالطوابق السفلية.
وكقاعدة عامة فإن الشخص الذى يفاجأ بالحريق سيعطى له ظهره تلقائياً ويعدو بعيداً عن الخطر وهذا ينبغى مراعاته عند تصميم المبنى بحيث أى نقطة يفترض حدوث حريق بها يجب توافر مخرج أومسلك هروب فى الاتجاه المضاد لها الى حيث مخرج الامان حتى لا يكون المكان مصيدة لشاغليه ويضطرون فى النهاية إلى إلقاء أنفسهم من الشرفات فى محاولة يائسة بدلاً من الموت حرقاً.
كما ان نوعية الاشخاص شاغلى المبنى يجب ان تؤخذ فى الاعتبار فمثلاً داخل المستشفى الذى يتعرض للحريق هناك المرضى والعجزة الذين يحتاجون إلى تصميم خاص لمسالك ومخارج الهروب. فلا يعقل مثلاً أن نوفر لهم (سلالم هروب بحارى) كما أنهم يحتاجون إلى مساعدة الغير عند الهروب وقت الطوارىء بواسطة كراسى أو نقالات أو عربات خاصة تنزلق بسهولة عبر درج السلالم.
هذا وتختلف الظروف البيئية عند تحرك الاشخاص فى وقت الطوارىء عنها فى الاحوال العادية. فالاشخاص فى الاحوال العادية يتحركون فرادى أو فى مجموعات صغيرة فى هدوء واطمئنان وفى جو بيئى عادى.أما فى حالة الحريق فإن الأمريختلف تماماً ً:
1- يتحرك الاشخاص كلهم فى نفس الوقت وفى تحرك غير منظم مصحوب برعب وفزع Panic Motion وبأعداد كبيرة مما قد لا تستوعبهم السلالم والممرات والمخارج.
2- أو يتحرك الاشخاص فى اتجاهات مختلفة اذا لم يكونوا على دراية بأماكن المخارج وسلالم الهروب أو أن علامات ولافتات تحديد اتجاهات الهروب الى أقرب مخرج غير متوفرة.
هذا كله ينجم عنه حوادث وإصابات ليست بفعل الحريق مباشرة وإنما بسبب التدافع غير المنظم والتعثر وبالاخص للنساء والاطفال والمسنين.
3- نجد أيضاً ظروف بيئية مختلفة :
- درجة حرارة عالية تسبب حروق واصابات
- دخان يسبب اختناقات وصعوبة الرؤية وعدم تمييز مخارج الهروب وصعوبة مكافحة الحريق
- نواتج احتراق يتسبب عنها غازات سامة أو خانقة ( حسب طبيعة مكونات المبنى والمواد العازلة ) .
كل هذه العوامل يجب أن تؤخذ فى الاعتبار فى مرحلة تصميم المبنى وقبل الشروع فى التنفيذ بحيث تتوافر الاشتراطات التالية:
1- التقليل من زمن الاخلاء بتوافر مسالك الهروب والسلالم والمخارج بالعدد وبالاتساع المناسبين وموزعة فى أماكن مدروسة جيداً بحيث نقلل من مسافة الهروب TravelDistance بقدر الامكان (وهى مسافة غير هندسية لا تزيد عن 60م مقاسة من أى نقطة بطابق المبنى الى أقرب مخرج هروب).
هذا ويتم تصميم مسالك الهروب واتساعها على أساس أقصى عدد من الاشخاص متوقع وجودهم بالمبنى وهو ما نسميه بحمل الاشغال الكلى.
2- يفضل ان ينشأ سلم الهروب بعيداً عن جدران المبنى بما لا يقل عن 3 م.
3- مراعاة عدم وصول الحرارة العالية والدخان ونواتج الاحتراق الى ممرات وسلالم الهروب واتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية منها. وذلك بتوافر الابواب المقاومة للحريق والمانعة للدخان Smoke StoppingDoors. أوأن تكون هذه الممرات والسلالم ذات ضغط موجب بالنسبة لبقية المبنى لمنع الدخان.
4- توافر التهوية الطبيعية أو الصناعية فى مسالك وسلالم الهروب.
5- توافر الاضاءة الكافية فى حالة عدم توافر الاضاءة الطبيعية وذلك من مصدر احتياطى للكهرباء ( لتوقع فصل الكهرباء العامة بالمبنى ) منعاً لحوادث السقوط والتعثر.
6- أن يكون إتجاه فتح أبواب الهروب للخارج أى فى اتجاه اندفاع الاشخاص. وهذه نقطة هامة للغاية حيث أن أبواب الهروب التى تفتح للداخل تصبح من الصعب جداً بل من المستحيل فتحها تحت تأثير ضغط واندفاع الاشخاص.
أما بالنسبة للمبانى المقامة فعلاً فيجب مراعاة ما يلى:
1- عدم استخدام المصاعد كوسيلة للهروب لخطورة ذلك على الارواح.
2- عدم وجود أية عوائق من شأنها إعاقة هروب الاشخاص حيث نجد كثيراً من يستغل المساحات والسلالم المخصصة لأعمال الطوارىء والهروب فى تخزين أشياء ومتروكات قديمة تعيق أعمال الاخلاء.
3- عدم غلق أبواب ومخارج الهروب بالمفاتيح أو الاقفال بحجة دواعى الامن ومنع السرقات ويمكن التغلب على ذلك بواسطة مزاليج من الداخل سهلة الفتح.
3- توافر علامات أو أسهم واضحة بالممرات تضاء آلياً عند انقطاع الكهرباء وتشير إلى أقرب مخارج هروب. وهذا له تأثيره الفعال على انسيابية التحرك وبسهولة دون حدوث ارتباكات أو تدافع من عدة اتجاهات.
منقول