2011/5/16 الساعة 22:45 بتوقيت مكّة المكرّمة
يرى مراقبون أن الموقف الروسي ازداد تشدداً تجاه العقوبات الدولية بشأن الأحداث التي تشهدها سوريا مقارنة بموقفها حيال الأزمة الليبية، حيث عارضت موسكو مناقشة الأزمة السورية بمجلس الأمن الدولي ورفضت
مسودة بيان يدين استخدام القوة ضد المتظاهرين، وحملت المعارضة مسؤولية العنف، باعتبار أن احتجاجاتها لم تكن سلميّة.
وأكدت الخارجية الروسية أن موسكو لا تفضل حل الأزمة السورية عن طريق فرض عقوبات على دمشق، وأنها تعطي الأولوية للحلول الدبلوماسية والسياسية، وشددت على أن استقرار سوريا سيساعد على استقرار المنطقة برمتها وطالبت مجلس الأمن الدولي أن يتصرف بحذر حيال الوضع السوري.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في لقاء صحفي الأسبوع الماضي إن إدانة سوريا دولياً ستأتي بنتائج عكسية، مشيراً إلى أن الوضع في سوريا يختلف عن ليبيا، ولفت إلى أن سقوط ضحايا من أفراد الأمن والمتظاهرين على حد سواء يشير إلى أن معارضي النظام مسلحون.
تكرار السيناريو
وأوضح لافروف -في إشارة إلى رفض روسيا إدانة النظام السوري- أن المعارضة السورية تحاول تكرار السيناريو الذي جرى إعداده لليبيا، وأضاف أن الاستغلال السيئ لموقف روسيا البناء اتجاه ليبيا من قبل التحالف الغربي، يجعل بلاده تمعن النظر في أي اقتراح جديد يدعو مجلس الأمن الدولي للموافقة على تدخل في نزاع داخلي "اتعاظا بالتجربة الليبية المحزنة".
ويري المستشار بالمركز الروسي للدراسات الإستراتيجية عباس خلف أن تشدد الموقف الروسي بشأن سوريا ورفضها إدانة النظام يعود إلى خشيتها من فقدان أهم حليف إستراتيجي لها في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن أي تفريط في سوريا سيجعل من روسيا دولة إقليمية. وأضاف أن سوريا تمثل قاعدة مهمة للمصالح الاقتصادية والعسكرية الروسية وتعتبر أكبر مشتر للسلاح الروسي في المنطقة، حيث تشغل المرتبة الخامسة بين ثمانين دولة تستورد أسلحة ومعدات حربية روسية.
وأوضح خلف في حديث للجزيرة نت أن روسيا ترى في دفاعها عن النظام السوري حماية لمصالح أمنها القومي حيث توجد في ميناء طرطوس السوري القاعدة العسكرية الروسية الوحيدة خارج أراضي الاتحاد السوفياتي السابق. وأردف أن تغيير النظام السوري سيعني تحجيم مبيعات السلاح الروسي، وظهور أية سلطة جديدة ستقلص من النفقات العسكرية لتلبية احتياجات الشعب الاقتصادية والاجتماعية.
أما الباحث الأكاديمي والمعارض السوري الدكتور محمود الحمزة فيرى أن القيادة الروسية اتخذت قراراً منذ البداية بالوقوف مع النظام السوري ضد أي قرار يسمح بتدخل خارجي تخوفاً من خروج الوضع في سوريا عن السيطرة السورية وبالتالي خسارة روسيا مواقعها الإستراتيجية في البحر الأبيض المتوسط كما يعتقد المسؤولون الروس.
قواسم مشتركة
ولم يستغرب الحمزة في حديثه للجزيرة نت الموقف الروسي ويرى أن هناك قواسم مشتركة بين النظامين الروسي والسوري وإن كانت بدرجات متفاوتة تتمثل في سيطرة الحزب الواحد وسلطة الفئة الواحدة وكون المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية تخضع للقرار السياسي للفئة المسيطرة، وأضاف أن ذلك ينسحب على الاقتصاد والمافيات المسيطرة وهي من الأشخاص المقربين من قمة السلطة.
وأبدى أسفه لعدم تفهم روسيا لموقف الشعب السوري وطموحه إلى الحرية والديمقراطية. وأوضح أن الوقت قد حان لكي تعيد القيادة الروسية النظر في سياستها الخارجية وتركز على قوى المجتمع المدني العربي بشكل خاص، لا أن تقيم علاقاتها من خلال مؤسسات الأنظمة وتغض النظر عن معاناة المواطنين في تلك البلدان، مشيراً إلى أن نهج السياسة الخارجية الروسية الحالي قد يخلق لها أعداءً في المستقبل بعد انتصار الثورات العربية، وسيفقدها زمام المبادرة في المنطقة.