أجمع أهل العلم على أن العمرة مشروعة بأصل الإسلام، وأن فعلها في العمر مرة، وهل هي واجبة أم لا ؟ قولان:
الأحاديث الدالة على
فضل العمرة
وعظيم ما رتب الله عليها من الثواب، تدل على فضل الإكثار من الاعتمار، وأنه
ليس للعمرة وقت خاص بها لاتصح إلا فيه، بل كل السنة وقت لها سوى أيام
الحج. وحديث عائشة - رضي الله عنها - الثابت في الصحيحين وغيرهما، أنه صلى
الله عليه وسلم أعمرها من التنعيم
سوى عمرتها التي كانت أهلت بها معه، أصل في جواز وقوع عمرتين في شهر واحد
أو أقل، ويدل على التفريق بين العمرة والحج في التكرار في نفس العام، فمن
فضل الله تعالى على عباده أن العمرة لا تختص بوقت- من العام- دون وقت، بل
تفعل سائر شهور السنة.
وقد استحب بعض أهل العلم
وقوع العمرة في رمضان
وأنه أفضل لأدائها من غيره، لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم معقل - لما فاتها الحج- أن تعتمرفي رمضان، وأخبرها أن:
عمرة في رمضان تعدل حجة
.
وفي لفظ: معي . أي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالحديث دال على فضل
العمرة في رمضان، لكن قيده بعض أهل العلم فيمن كان قد عزم على الحج فلم
يتيسر له، لمرض أو نحوه كما هو ظاهر في سياق الحديث.
قلت: والأولى عدم التقييد فإن فضل الله
واسع، لكن من كان قد عزم على الحج ولم يتمكن لمانع منعه ثم اعتمرفي رمضان
كان أوفر حظا من هذا الفضل، ومن لم يكن كذلك فيرجى له ذلك فإن للعبد على
ربه ما احتسب.
وذهب جماعة من أهل العلم أن العمرة في أشهرالحج
أفضل من عمرة في غيرأشهرالحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمرعمرة
كلها في أشهر الحج.
قلت: وأذن لعائشة رضي الله عنها أن
تعتمربعد فراغها من الحج حين راجعته في ذلك
. قالوا: لم يكن الله ليختار لنبيه إلا أولى الأوقات وأحقها بها. فكان
وقوع العمرة في أشهرالحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها
الله بهذه العبادة، وجعلها وقتا لها، والعمرة حج أصغر فأولى الأزمنة بها
أشهر الحج. والله أعلم.